بحث حول:
إدارة و معالجة
الأزمة في الإسلام نماذج من
الفكر الإسلامي |
خطة
البحث
مقدمة.
1- معالجة الأزمة في القرآن الكريم (نموذج الأزمة في عصر ذو القرنين).
- بناء السد في عصر ذي القرنين.
1-1 مرحلة الإنذار.
1-2 مرحلة الاحتواء.
1-3 تحديد الهدف.
1-4 وضع الخطة.
1-5 استعادة النشاط.
1-6 التعلم.
2- المنهج القرآني في معالجة الأزمات.
2-1 مرحلة الإنذار.
2-2 مرحلة الاحتواء.
2-3 مرحلة التدبير.
2-4 إعداد فريق الأزمة.
2-4-1 الصفات الواجب توفرها في قائد فريق الأزمة.
2-4-2 واجبات فريق الأزمة. (قبل – أثناء – بعد )
3- معالجة الأزمة المالية العالمية من المنظور الإسلامي.
3-1 مرحلة الإنذار.
3-2 مرحلة الاحتواء.
3-3 تحديد الهدف.
3-4 وضع الخطة.
3-5 استعادة النشاط.
3-6 التعلم.
خاتمة.
مقدمة:
لقد أصبحت "الأزمة"
جزءا لا يتجزأ من حياة المؤسسة الحديثة، لذا نجد هذه الأخيرة على استعداد دائم
لمواجهتها والتعامل معها، الذي بات يشكل ميزة تنافسية تنفرد بها المؤسسات الذكية
و القائد الإداري المحنك، الذي يبرز دوره في معرفته لتجاوز الأزمة بأقل الخسائر، و
كذا إدراكه التصرف مع مختلف المواقف التي تتعرض لها المؤسسة.
إلا أن وعي
متخذي القرار الإداري بأهمية "إدارة الأزمة" لم يتبلور إلا في السنوات
الأخيرة بسبب تعدد و تنوع الأزمات خاصة الفجائية، التي دفعت بالقادة الإداريين
استخدام المنهج العلمي كأسلوب و حتمية لمعالجتها، وعليه ازدهر مصطلح
"الأزمة" في أحضان علم الإدارة العامة، الذي يستدعي إعداد خطط و برامج
مسبقة، و وسائل عديدة متاحة تتفق و متطلبات و إمكانيات المؤسسة لتفادي أو منع
وقوعها أو التقليل من حدة آثارها.
لكن لو تمعنا
جيدا في الفكر الإسلامي لوجدنا أن الله أنزل القرآن الكريم كمنهج و معجزة في آن
واحد و قد حوى علوم الدنيا و خبر الآخرة و تاريخ البشرية، كما قص أحسن القصص
للعبرة و التعلم، و لتجنب ما اقترفته الأمم السابقة و أخذ العبرة منهم.
إذ أشار الله
سبحانه و تعالى للعديد من الأزمات، من خلال القصص التي ساقها إلينا القرآن الكريم
كأزمة "ذي القرنين" لنتعلم كيفية تحديد الأهداف و التخطيط للأعمال و
الاستخدام الأمثل للموارد البشرية و المادية و نلتفت إلى أهمية العمل الجماعي و
العمل كفريق و المشاركة و أهمية القيادة في التوجيه و التوصل إلى الأهداف بفعالية،
كما نبهنا القرآن إلى أهمية الطاعة و الصبر و التأني في إصدار القرارات و عدم
اتخاذ المرؤوس القرار دون الرجوع إلى القائد، إضافة إلى العديد من الأزمات التي
واجهت الإنسان في القديم عبر العصور المختلفة محللا أسبابها، و منبها إلى طرق و
كيفيات الخروج منها بالتفكير و التدبير المنظم و بتوجيه السلوكيات لاحتوائها
والتغلب عليها و التعلم منها.
فقد ساهمت
الثقافة التنظيمية الإسلامية بنصيب وافر في علم إدارة الأزمات، و إن كان غير
المسلمين قد انتبهوا إلى هذا العلم حديثا عبر توظيفه و انتهاجه كوسيلة في حل
أزماتهم، فإن ذلك لا ينفي وجوده ضمن العلوم العربية و الإسلامية، إذ ذكر في القرآن
الكريم والسنة المشرفة و كتب عنه العديد من الكتاب.
و في هذا الإطار سنحاول معرفة كيفية إدارة و معالجة مختلف الأزمات من المنظور الإسلامي، بعرض نماذج عن الأزمات التي واجهت الأنبياء و الرسل، في حقب زمنية مختلفة و تبيين طرق مواجهتهم و إدارتهم لها.
1- معالجة الأزمة في القرآن الكريم (نموذج الأزمة في عصر ذو القرنين)(1).
- بناء السد في عصر ذي القرنين:
1-1- الإنذار:
كان ذو القرنين يجوب البلاد لنشر الدين، و ذهب إلى منطقة بها أناس لا يكادون يفقهون قولا و هذا دليل على انخفاض نسبة الذكاء فيهم و أنهم يخافون من الاعتداء المستمر من قبائل تسكن بجوارهم فيم يغيرون عليهم من فتحة بين جبلين في أرضهم و لا يستطيعون صدهم أو قتالهم.
1-2- الاحتواء:
و كان هؤلاء القوم لديهم الأموال و الموارد المادية و البشرية و يعرفون العلاج و لكن هممهم قاصرة و علمهم محدود لدرء تلك الأزمة التي تتكرر كثيرا دون وجود من ينفذ بناء السد " قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض فهل تجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا و بينهم سدا" [ الكهف:94].
1-3- تحديد الهدف:
حدد ذو القرنين كقائد لفريق الأزمة، الهدف و هو سد الثغرة التي بين الجبلين لحمايتهم من الأعداء، و وجه أنظارهم للعمل الجماعي و العمل كفريق و أنه الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الهدف: " قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم و بينهم ردما" [الكهف:95].
1-4- وضع
الخطة:
قسم ذو القرنين
العمل بينهم و أشرف على تنفيذه:
- فريق يجمع
الحديد الخام.
- فريق يقطع
الحديد إلى قطع صغيرة.
- فريق ينقل
قطع الحديد إلى مكان الثغرة.
- فريق يجمع
النحاس الخام.
- فريق ينقل
النحاس الخام إلى الثغرة.
- فريق يذيب
النحاس.
- فريق يضع و
يساوي الحديد بين الجبلين.
- فريق يشعل
النار في الحديد و ينفخ فيها حتى ينصهر.
- فريق لصب
النحاس المصهور فوق الحديد المنصهر.
- يقول سبحانه
عن الخطة التي وضعها ذو القرنين: " آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين
الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا" [الكهف:96].
1-5- استعادة
النشاط:
حقق ذو القرنين
معهم الهدف و سدوا الثغرة فلا يستطيع الأعداء النفاذ منها أو اعتلائها: "فما
اسطاعوا أن يظهروه و ما استطاعوا له نقبا" [الكهف: 97]، و عاد القوم إلى
سالف عهدهم فزرعوا الأرض و قاموا بالأعمال
____________________________
(1)- د. سوسن،
سالم الشيخ، " إدارة و معالجة الأزمات في الاسلام"، ط1، مصر: دار
النشر للجامعات، 2003، ص 40 – 43.
التي كانوا
يزاولونها من قبل دون تهديد من أحد فشعروا بالأمن و استمروا في العمل.
1-6- التعلم:
- تنبهوا إلى
أهمية القيادة في توجيه الموارد البشرية و المادية.
- عرفوا أن
العمل قوة.
- أدركوا أهمية
العمل الجماعي.
- حددوا
الأهداف قبل الأعمال.
-نظموا الأعمال
للتوصل إلى الأهداف بفعالية.
- خططوا
للأعمال قبل القيام بها.
- تعلموا طرق
التنقيب عن المعادن.
- تعلموا صهر
المعادن و خلطها خاصة الحديد و النحاس.
- استقلوا في
أعمالهم دون اللجوء إلى الآخرين.
- اهتموا
بتنمية الموارد البشرية و المادية.
- فكروا
بمعالجة المشكلات و الأزمات.
- علموا أن
العمل أهم من المال.
- أدركوا أن
الاتصال بين البشر يكون بإشارات اليد و تعبير الوجه بجانب اللغة.
- عرفوا أهمية
الاتصال بين القائد و جماعة العمل.
- تعلموا
التصرف الرشيد عند الأزمات.
- علموا أهمية
اللغة للتعبير عما يجيش في النفس.
2- المنهج
القرآني لمعالجة الأزمات:
- يعالج القرآن
الكريم الأزمات بحكمة، فهو يبدأ بإنذار القوم برسول يرسله الله تعالى ليقنعهم
بتوحيد الله، و يعلمهم بموضع المخافة (الأزمة)، ففي عصر ذي القرنين نلاحظ أن القوم
لم يعصوه، بل كانوا لا يعون بحل الأزمة، لذا تفضل عليهم الله بذي القرنين ليعلمهم
أهمية العمل الجماعي، واستخراج المعادن و تقطيعها و صهرها وصناعتها وبناء السد
الذي لا يمكن للأعداء تسلقه أو نقبه للدخول من خلاله، و تعلم القوم العمل الجماعي
و تقسيم العمل والقيادة و التصنيع، و هذا ما نلاحظه في نظريات الإدارة الكلاسيكية
التي تقوم فيها كلا من نظرية تايلور وفايول على التقسيم الوظيفي و توزيع العمل و
سلطة القيادة قصد الوصول للأهداف المنشودة.
2-1- ففي مرحلة الإنذار، في عصر ذي القرنين
كانت الأزمة تعدي يأجوج و مأجوج، و هم قبائل يفسدون في الأرض على قوم ضعاف لا
يعرفون طريقة بناء السد بينهم و بين أعدائهم، رغم أنهم يدركون أن حل الأزمة في بنائه،
فلما وجههم ذو القرنين و علمهم طريقة البناء و طرق استخدام المعادن و صهرها أطاعوه
فحلت الأزمة ولم يحل عليهم العذاب.
2-2- في مرحلة
التدبير خطط ذو القرنين لتلافي تكرار الأزمة فوجه القوم إلى العمل الجماعي و
المشاركة في بناء السد، الذي حماهم، كما نبههم إلى قيمة العمل و المشاركة في
الأزمات لتلافيها أو علاجها إن حدثت.
2-3- أما
بالنسبة لإعداد الفريق:
فينبغي على
مخطط الأزمة الاهتمام بإعداد فريق الأزمة و اختياره من ذوي الإمكانيات و القدرات و
المهارات الخاصة و التجربة و الخبرة كي يمكنهم التعامل مع الأزمات الحالية و
المتوقعة، و كلما كان الفريق معدا إعدادا جيدا و مستمرا تمكنت المنظمات من علاج
الأزمات بفعالية و كفاءة فالإعداد النفسي و التدريب العملي المستمر يجعل المنظمات
في طمأنينة من إمكانية التعامل مع الأزمات و احتوائها و استعادة النشاط في وقت
أقل، و هذا ما جاءت به مدرسة العلاقات الإنسانية مع إلتون مايو الذي اهتم فيها
بالعنصر البشري داخل المنظمة، إذ الاهتمام برضا الفرد في عمله و راحته و الاستماع
له و توفير شروط العمل الملائمة يدفع إلى الزيادة في الانتاجية وتحسين الكفاية
التنظيمية.
2-4- الصفات
الواجب توفرها في قائد فريق الأزمة:
- الإيمان
بالله.
- الاستقامة
الخلقية و النفسية و السلوكية.
- رعاية الأمانة
في عمله و العمل بحقها.
- الوفاء
بالعهود و العقود.
- شهادة الحق و
الصدق.
- الصبر و
التقوى و الحلم.
- القدرة على
الابتكار.
- حب البذل و
التضحية.
- القدرة على
التصرف السريع أثناء الأزمات.
2-5- واجبات
فريق الأزمة:
2-5-1- قبل الأزمة:
- إنشاء جهاز
معلومات قوي صادق.
- تحديد
المخاطر كهجوم قوم يأجوج و مأجوج.
- وضع
السيناريوهات.
-إصدار
القرارات الرشيدة كتوجيه العمل الجماعي.
- حماية و
وقاية البشر من الهلاك و ذلك ببناء السد.
- تدريب الفريق.
- المتابعة و
الرقابة المستمرة و التغذية المرتدة للمعلومات، إذ نلاحظ أن ذي القرنين كان دائما
يراقب القوم ويتابع سيرورة العمل لضمان النتائج المرجوة.
2-5-2- أثناء
الأزمة:
- التأكد من
تنفيذ السيناريوهات و الخطط كإشراف ذي القرنين بنفسه على التنفيذ و هذا ما أشرنا
إليه سابقا.
- تحديد المهام لكل فرد في الفريق.
- الابتكار.
- الرقابة على
تدفق العمل و هذا ما قام به ذي القرنين لذا لم يتعطل العمل و وصلوا للأهداف
بفعالية.
- التعاون
أثناء الأزمة و محاولة الخروج منها.
- الاتصال
الفعال إذ نجد ذي القرنين دائم التواجد مع القوم.
- التنسيق بين
الأجهزة كالتنسيق بين جماعات العمل المختلفة مع ذي القرنين.
86 |
فقد بين ذو القرنين أنه سوف يعاقب من أخطأ أو
انحرف عن الأمر ثم يعاقبه الله في الآخرة أما من يصلح فسوف يكافئه ثم يكون أمره
إليه يسيرا بإعطائه المكانة و المركز اللائق.
2-5-3- بعد
الأزمة:
- تقييم مدى
فعالية الخطط و السياسات و ذلك عندما أتم ذو القرنين العمل و لم يستطع الأعداء
اعتلاء السد أو نقبه.
- تقييم عمل
الأفراد و مكافأة المحسن و عقاب المقصر، و هذا ما نراه في الآية السابقة حين قال
سوف عند العقاب و هي تعني التأجيل حتى يذهب غضبه فيكون العقاب على قدر الذنب أو قد
يعفو عنه، أما في الثواب فجاءت بعد فاء
التعقيب أي أن الجزاء سيكون سريعا فعلا و قولا.
- التدريب
المستمر حتى لا ينسى الفرد ما تعلمه نتيجة طول المدة أو تغيير أساليب التدريب أو
تغيير نوع الأزمات.
- التعلم، أي
يتعلم البشر بعد الأزمة عدة دروس ليتجنبوا أسباب الأزمات السابقة و يعتبروا منها،
و يحاولوا بالعمل و الصيانة عدم رجوعها مرة أخرى.
- العمل على
الإسراع بعودة النشاط، كرجوع القوم بسرعة إلى نشاطهم بعد بناء السد.
- العمل على
احتواء أية أزمة جديدة و لو صغرت حتى لا تستفحل، إن ترك الأزمات الصغيرة بدون حل
يسبب استفحالها لذا كانت الرسل ترسل تترا لكل أزمة حتى تعالجها.
3- معالجة الأزمة المالية العالمية
من المنظور الإسلامي.
3-1 التجربة
المصرفية
الإسلامية
بأوروبا:
تعتبر التجربة المصرفية الإسلامية
عموما حديثة العهد قياسا بنظيرتها الغربية التي بلغت مرحلة الترهل والهرم الفكري
والمؤسساتي، فهي لاتزال في مقتبل العمر ومرحلة النمو والعنفوان في الاقطار التي
نشأت فيها وانتشرت من خلالها لتصل الى ما يزيد عن 75 دولة عبر العالمين الاسلامي
والغربي، أما بأوروبا فهي لا تزال في بداية المشوار بصدد الانطلاق و الاتجاه نحو
التواجد والتوطين اذا استثنينا بعض التجارب المبكرة و المحدودة زمنيا وجغرافيا مثل
تجربة المصرف الإسلامي بلوكسمبورج (في ثمانينات القرن الماضي) ودار المال الاسلامي
بجينيف(مؤسسة مالية استثمارية) والتي لم تشهد في الحالة الاولى الاستمرار والنجاح لأسباب متعددة بينما ظلت الثانية مقتصرة على توظيف رؤوس الأموال المودعة في
البنوك السويسرية ولم تقدر على جلب الانتباه للفكرة عموما وتقديم الخدمات لعموم
المسلمين والمهتمين بالمنتجات المصرفية الاسلامية من غير المسلمين.
لكن الاوضاع في هذا الاتجاه تغيرت
بشكل جذري في السنوات بل والاشهر القليلة الماضية حيث تشهد ظاهرة المالية
الاسلامية بشكل عام نموا سريعا على صعيد عالمي واهتماما متزايدا من قبل الاوساط الاوروبية على نطاق واسع.
لقد بات الاهتمام بالمصارف
الإسلامية والتمويل الإسلامي ظاهرة تكاد تكون كونية بسبب اتساع الاهتمام بالإسلام
، وتأثيره المتسارع في الساحة الدولية على جميع الأصعدة السياسية والثقافية
والاقتصادية. ولم يعد تدخل الدين في الاقتصاد وعالم المال والاعمال من المسائل
المحظورة أو المثيرة للتساؤل والاستغراب
حتى في أعرق النظم العلمانية، التي لا تعير اهتماما للدين والقيم الدينية وترفض
ربط التشريعات والقوانين بها في المجتمع.
وتشهد الساحة الاوروبية في السنتين
الاخيرتين خصوصا تسابقا ملحوظا نحو الصيرفة الاسلامية زادت في وتيرته حدة الازمة
المالية الاخيرة التي أدت بالعديد من عمالقة البنوك الرأسمالية الى الانهيار
والافلاس في حين لم تطل هذه الازمة
المصارف الاسلامية مما عزز التنافس
الغربي على هذه المصارف ومنتجاتها المالية التي أثبتت نجاعتها وكفاءتها في جذب
الاموال واستقطاب المستثمرين.
و من أجل رصد
هذه الأزمة وما يحيط بها من تحديات ورهانات، سوف نحاول التطرق إلى1:
1- مرحلة الإنذار:
الأزمة المالية هي الانخفاض المفاجئ في
أسعار نوع أو أكثر من الأصول. والأصول إما رأس مال مادي يستخدم في العملية
الإنتاجية مثل الآلات والمعدات والأبنية، وإما أصول مالية، هي حقوق ملكية لرأس
المال المادي أو للمخزون السلعي، مثل الأسهم وحسابات الادخار مثلاً، أو أنها حقوق
ملكية للأصول المالية، وهذه تسمى مشتقات مالية، ومنها العقود المستقبلية (للنفط أو
للعملات الأجنبية مثلاً).
- و ترجع جذور الأزمة المالية الحالية إلى العام 2001، حين كانت موجة ازدهار الإنترنت
على وشك الانتهاء، وأثناء صدمة الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. عند تلك النقطة فتح
بنك الاحتياطي
_________________________
(1)- [ iefpedia.com/.../تنامي-الاهتمام-بالاقتصاد-الإسلامي-في-المجتمعات] اطلع عليه 14/04/2017.
الفيدرالية محابس السيولة النقدية في
محاولة لمكافحة التباطؤ الاقتصادي، فقد عمد بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى ضخ المال في شرايين الاقتصاد الأميركي
ولجأ إلى تخفيض أسعار الفائدة الرئيسية (أسعار الفائدة على الصناديق الفيدرالية)
من 3.5% في أغسطس/آب 2001 إلى 1% فقط بحلول منتصف العام 2003.
- أيضا أصبح تركيز الإقراض على قطاع أو قطاعات محدودة، والذي نتج عنه أزمة
الرهون العقارية والناتجة من جراء الرهون الأقل جودة أي الحصول على قرض جديد مقابل رهن جديد من
الدرجة الثانية، إذ توسعت البنوك في هذا النوع من القروض الأقل جودة، وما رفع درجة المخاطرة في تحصيل تلك القروض الرهون
العقارية الأقل جودة subprimeبالإضافة إلى الزيادة الهائلة في توريق
الديون العقارية Securitizationالتي تخص تحويل تلك القروض إلى أوراق مالية معقدة، إذ يمكن عن طريقها توليد موجات متتالية من الأصول
المالية بناء على أصل واحد.
نقص أو انعدام الرقابة أو الإشراف الكافي على المؤسسات المالية الوسيطة خاصة
البنوك بلجوئها إلى الاستثمار في المنتجات المالية الجديدة
مثل المشتقات المالية.
- أساليب المضاربات قصيرة الأجل حيث تقوم على توقعات
المضاربين بتغير الأسعار في فترات القصيرة لكسب فروق الأسعار، و زيادة حجم التعامل بإتاحته
لمن لا يملك مالا أو أوراق مالية، ويتم ذلك عدة آليات أهمها البيع على المكشوف و
الشراء بالهامش.
- تضخم الاقتصاد المالي و الانفصام بينه وبين الاقتصاد الحقيقي، ويقصد به أن
الاقتصاد في حقيقته هو النشاط الذي يدور حول توفير السلع و الخدمات لإشباع الحاجات
الإنسانية من خلال وظائف اقتصادية مثل: الإنتاج و الاستهلاك، ولكن هذا يتطلب التبادل
لأنه لا يوجد أحد يمكنه من إنتاج ما يحتاجه من السلع وخدمات بنفسه، و التبادل
يحتاج إلى تمويل ومن هنا وجد الاقتصاد المالي لخدمة الاقتصاد الحقيقي.
- الجوانب السلوكية و الأخلاقية، إذ أظهرت الأزمة ممارسات غير سوية من
جانب المتعاملين في المجال المالي، و التي تنطوي على الغش و الكذب(فساد أعضاء
مجالس الإدارة في البنوك والشركات، والإستيلاء على أموال بمعلومات مضللة عن طريق
تحقيق أرباح عالية، مشاركة مراقبي الحسابات من خلال شهادتهم بصحة حسابات مزورة، و
الاعتماد على ما يسمى بالقيمة العادلة عند تقويم العقارات المقدمة).
2- الاحتواء:
إن البنوك الغربية تتوفر على موارد مالية معتبرة، لكنها في طريق النفاذ
نتيجة المعاملات الربوية المحرمة، فرغم إدراك خبراء الاقتصاد و المسؤولين الغربيين
للعلاج، إلا أن ارتباط حله بتطبيق ما تمليه مبادئ الشريعة الإسلامية، يدفعهم إلى
البحث عن بديل آخر مما قد يزيد من تفاقم الأزمة.
3- تحديد الهدف:
نظرا لتأزم الوضع برز الاهتمام "بالاقتصاد
الإسلامي" من خلال تصريحات المفكرين المسلمين وغير المسلمين وخاصة المسؤولين،
بأهمية وفائدة الاقتصاد الإسلامي، ودعوتهم إلى تطبيقه على البنوك الغربية. و الذي
يطرح نفسه بقوة كحل لمواجهة براثن النظام الرأسمالي الذي يقف وراء
الكارثة الاقتصادية التي هزت أسواق المال العالمية.
4- وضع الخطة:
وأوضح الدكتور محمد عبد الحليم عمر مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي أن الاقتصاد
الإسلامي قادر على علاج هذه الأزمة من خلال القيام ب:
- تعديل أسلوب التمويل العقاري، ليكون بإحدى الصيغ الإسلامية، ومنها
أسلوب المشاركة التأجيرية.
- ضبط عملية التوريق لتكون لأصول عينية وليس للديون،
وهو ما يتم في السوق المالية الإسلامية في صورة صكوك الإجارة
والمشاركة والمضاربة، أما الديون فيمكن توريقها عند الإنشاء ولا تتداول، وهو ما يتم في
السوق المالية الإسلامية بصكوك المرابحة والسلم و الاستصناع، والتي يزيد حجم
التعامل بها رغم حداثتها على 180 مليار دولار، وتتوسع يوما بعد يوم، وتتعامل بها بعض
الدول الغربية.
- ضرورة قيام البنوك والمصارف المركزية الغربية و العربية بإنشاء
تكتل أو اتحاد لمواجهة هذه الأزمة.
- ضرورة إصدار قوانين بمنع (إيقاف) بعض المعاملات التي كانت من أسباب الأزمة،
ومنها عمليات المشتقات المالية الوهمية (الميسر) وما في حكمها، وعمليات جدولة
الديون والتوريق وفق نظام الفائدة الربوية، وعمليات تمويل الأعمال بنظام الفائدة
وتطبيق صيغ التمويل الإسلامية، وعمليات غسل الأموال القذرة السائدة في أسواق النقد
والمال.
- ضرورة تحرير المعاملات من قيود الدولار و استخدام سلة عملات مختلفة وذلك
لتوزيع المخاطر، نظرا لأسباب الأزمة الحالية هو سيطرة الدولار على المعاملات.
- إيقاف التعامل بسعر
الفائدة (الربا).
5- استعادة النشاط:
- ففي فرنسا بدأ التمويل الإسلامي يثير الفضول والحماس في جميع
أرجاء الدولة، مما تطلب ذلك الدراسة والتعليم، ولهذا ازدادت
التدخلات الكبيرة من جانب ممثل الجمعيات في هذا المجال، إذ أصبح الآن التمويل
الإسلامي جزءا من الاقتصاد الفرنسي، و منذ 7 يوليو 2010، أعلنت السيدة كريستين لاغارد،
وزيرة الاقتصاد بمناسبة لقاءات المالية في باريس، أن أربعة منتجات جديدة تميز
المالية بداية عام 2010 خاصة بالتمويل الإسلامي.
فمنذ أن تم نشرها بتاريخ 24 أغسطس 2010 في النشرة الرسمية للضرائب، وفرنسا لديها الآن نظام
ضريبي مناسب لمثل هذه العمليات، الصكوك (قريبة من التزامات المعاهدة)، المرابحة (الشراء والبيع
باستخدام هامش التمويل)، والإجارة (ما يقرب من عقد الإيجار)، و الاستصناع (بيع
الممتلكات)، مما يؤكد طموحات فرنسا في مجال التمويل الإسلامي.
وقد اتجهت الإدارة في فرنسا إلى تصحيح الأخطاء التي اتسمت بها القوانين الضريبية الأولى
في هذا المجال، إذ أن التعليمة الأولى و الثانية جاءت لإعادة النظر في النظام الضريبي المطبق
على معاملات الصكوك والمرابحة، وتلغي أحكام تعليمات من 25 فبراير 2009. و في
هذا الإطار من القانون الفرنسي، فالعمليات نسبيا متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ولا
تزال هناك حاجة ومرافقة من قبل الخبراء والعلماء المتخصصين في هذا المجال.
- أما إسبانيا:
فقد وقعت جامعة
الملك عبد العزيز بجدة
اتفاقية مع جامعة «آي إيه» الإسبانية، لإنشاء مركز للاقتصاد والتمويل الإسلامي، على هامش الزيارة التي قام بها وفد إسباني.
وقال الدكتور هشام
بن جميل برديسي عميد التعليم عن بعد في
جامعة الملك عبد العزيز – وفقاً لجريدة "الشرق الأوسط" السعودية: "إن الجامعة بدأت
في تطبيق الجوانب الأكاديمية
المتعلقة باتفاقية التعاون مع جامعة «آي إيه» الإسبانية الخاصة، لإرساء مفاهيم الاقتصاد والتمويل الإسلامي".
وأضاف أن الجامعة بدأت بابتعاث خبراء في المصرفية الإسلامية إلى الجامعة الإسبانية، لتدريس
وتدريب طلاب الجامعة حول
مضامين الاقتصاد الإسلامي، في خطوة تشمل تنفيذ أركان اتفاقية
التعاون بين
الجامعتين، وهي التعليم، والتدريب، والبحث، والوعي الأكاديمي، موضحا أن الجامعة بصدد التحضير لمؤتمر دولي حول الاقتصاد الإسلامي. وكانت جامعة
الملك عبد العزيز قد وقعت اتفاقية تعاون مع
الجانب الإسباني، لتعميق الأسس الأكاديمية
للمصرفية
الإسلامية، وذلك في شهر مارس الماضي.
وفي ذات السياق،
أوضح جوزيه لويس بيريز مدير جامعة «أي إيه»
الإسبانية أن المصرفية الإسلامية تستقطب
المزيد من
الاهتمام لدى الخبراء الاقتصاديين في المجتمعات الأوروبية، وخاصة بعدما أثبتت استقرارها وثباتها في خضم الأزمة الاقتصادية التي ضربت الأسواق
العالمية. وأضاف بيريز أن اتفاقية
التعاون مع الجامعة أسهمت في ترسيخ المفاهيم الأكاديمية للاقتصاد الإسلامي في الجامعات الإسلامية، مشيرا إلى أن جامعة «آي إيه» تتطلع قدما
لتطوير هذه الاتفاقية.
كما بين رافاييل
أنتولين رئيس جامعة «آي إيه» أن الاتفاقية التي تم
توقيعها مع جامعة الملك عبد العزيز تمثل نقطة انطلاق لنشر
مفاهيم الاقتصاد
الإسلامي في بقية الجامعات الأوروبية، مشيرا إلى أن هذا المركز سيسهم في تطوير البحث الأكاديمي للجامعات الإسبانية، ويقدم فهما أفضل لروح المصرفية الإسلامية. وأضاف أنتولين أن الأزمة الاقتصادية العالمية فرضت على
الجميع البحث عن خيارات
أخرى للخروج من النفق المظلم، موضحا أن دولا أوروبية من بينها بريطانيا وفرنسا، وإسبانيا، بدأت تهتم بإنشاء مراكز بحث وتقديم الدعم
الأكاديمي لتدريس المصرفية
الإسلامية في الجامعات والمعاهد، والتعرف بشكل أفضل عن المفاهيم المصرفية التي يعززها الاقتصاد الإسلامي.
6- التعلم:
- عقد ملتقيات، مؤتمرات، منتديات، وندوات لمناقشة أهمية ودور
الاقتصاد الإسلامي في مواجهة الأزمات المالية، أو كبديل للنظام الرأسمالي في مختلف دول
العالم سواء كانت إسلامية أو غربية.
- فتح تخصصات للاقتصاد الإسلامي في مختلف الجامعات العالمية.
- القيام بدورات تدريبية مهنية و تعليمية للموظفين و
للطلاب في مجال التمويل الإسلامي.
- سن القوانين لإنشاء البنوك الإسلامية، وإصدار تعليمات
فيما يخص تطبيق صيغ التمويل الإسلامي، وفي دول كانت تحارب ذلك إلى وقت قريب مثل
فرنسا.
- تنظيم تداول الصكوك الإسلامية و الأوراق المالية في
الأسواق المالية العالمية.
كما أن أعضاء لجنة المراجعة والمطابقة و البحث في التمويل الإسلامي ( ACERFI) قاموا أيضا بتقديم مؤتمرهم الأخير الذي عقد في جامعة باريس دوفين
حول موضوع "إدارة المخاطر في التمويل الإسلامي."
·
المحافظة على
القيم والمثل والأخلاق، مثل الأمانة والمصداقية والشفافية والبينة والتيسير
والتعاون والتكامل والتضامن.
·
الاعتماد على قاعدة المشاركة في الربح والخسارة، وعلى التداول الفعلي للأموال والموجودات.
·
تحريم المعاملات الوهمية التي يسودها الغرر والجهالة.
·
تحريم كافة صور وصيغ وأشكال بيع الدين بالدين، مثل: خصم الأوراق التجارية وخصم
الشيكات المؤجلة السداد، وتحريم نظام جدولة الديون مع رفع سعر الفائدة.
·
إرساء مبدأ التيسير على المقترض الذي لا يستطيع سداد الدين لأسباب قهرية.
هذا بالإضافة إلى استغلال كل فرص الالتقاء والاحتكاك بالمفكرين الغربيين، خاصة في
المؤتمرات والندوات العالمية، لنشر مبادئ الاقتصاد والصيرفة الإسلامية، بشرط التطبيق
السليم لها في البلدان الإسلامية قبل تصديرها إلى الغرب.
خاتمة:
من خلال التعرض لبعض نماذج من الأزمات سواء من الفكر الاسلامي أو الفكر الغربي يمكننا أن نقول أن اتباع مبادئ الشريعة الإسلامية في حل و إدارة و معالجة الأزمات يعتبر الحل الأمثل لها، مما دفع بالمجتمعات الاسلامية و غير الإسلامية المسارعة إلى عقد ملتقيات و مؤتمرات لمناقشة أهمية ودور النهج الإسلامي في مواجهة مختلف الأزمات المالية، الطبيعية...الخ، و طرحه كبديل عن المناهج الغربية المتبعة، التي تؤدي في نهاية المطاف يا إما إلى الزوال، أو إلى تجاوز الأزمة بأكبر الخسائر.
قائمة المراجع:
1- د.سالم الشيخ، سوسن، "
إدارة و معالجة الأزمات في الاسلام"، ط1، مصر: دار النشر للجامعات،
2003، ص 40 – 43.
1-
[تنامي-الاهتمام-بالاقتصاد-الإسلامي-في-المجتمعاتiefpedia.com/.../ http://].
شاركنا رأيك