جديد المعرفة الإنسانية

مرحبا بك عزيزي القارئ في مدونتك، مدونة " جديد المعرفة الإنسانية"، التي تعني بعرض الدراسات و الأبحاث العلمية المتخصصة في العلوم الإنسانية بفروعها، و ذلك بالجمع بين الأصالة و المعاصرة في تقديم المعلومات المهمة لصالح الإنسانية، حيث يسر المدونة نشر المقالات المتميزة للراغبين في المشاركة، كما ترحب بتفاعل الزوار من خلال طرح القضايا، المواضيع، الاستفسارات، لمناقشتها بأسلوب الحوار، لتكون بذلك المدونة منبرا لتبادل الثقافة و العلوم بأسلوب منفتح على البناء الفكري.

90× 728
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...

شاركنا رأيك

بطاقة قراءة

 

 

 

بطاقة قراءة

أولا: تقديم الكتاب.

 

 

                   عنوان الكتاب

 

 

      منهجية البحث العلمي في العلوم  الإنسانية

 

                     إسم المؤلف

 

 

                     موريس أنجرس

 

 

  

           السيرة الذاتية و العلمية للمؤلف

 

 

م.أنجرس بروفيسور كندي مختص في منهجية البحث في العلوم الإنسانية، يعمل على تكوين الدكاترة و كبار الباحثين في منهجية البحث، كما يختص في مختلف فروع العلوم الإنسانية من علوم سياسية، علوم اجتماعية، علم نفس، الأنثروبولوجيا...الخ.

 

                      عدد الطبعة

 

 

                 الطبعة الثانية منقحة

 

                       مكان النشر

 

 

                          الجزائر

 

                        دار النشر

 

 

                        دار القصبة

 

                        سنة النشر

 

 

2004                                                              

 

                       عدد الفصول

 

 

                  اثني عشر(12) فصلا

 

     

 

 

 

 

 

                 عدد صفحات كل فصل

 

 

           الفصل الأول: 15 صفحات.

           الفصل الثاني: 21 صفحات.

           الفصل الثالث: 27 صفحات.

           الفصل الرابع: 21 صفحات.

           الفصل الخامس: 27 صفحات.

           الفصل السادس: 31 صفحات.

           الفصل السابع: 50 صفحة.

           الفصل الثامن: 61 صفحة.

           الفصل التاسع: 33 صفحات.

           الفصل العاشر: 37 صفحات.

           الفصل الحادي عشر: 51 صفحة.

           الفصل الثاني عشر: 30 صفحات.

 

                 عدد صفحات الكتاب

 

 

                            477 صفحة.


ثانيا: تلخيص الفصول.

 

                                 القسم الأول: المغامرة العلمية.

الفصل الأول: الروح العلمية. (الصفحة 30 إلى الصفحة 43)

 

تحدث المؤلف في هذا الفصل عن التحضير و الاستعداد الذهني للنشاط العلمي، إذ يعتبره الروح العلمية التي يشترط أن تتوفر في الباحث العلمي، والتي تتميز بمجموعة من الخصائص حددها المؤلف في:

الملاحظة والتي عرفها بأنها " فعل فحص الظاهرة بكل اهتمام و عناية "، معتمدا في تقسيم مراحلها على تقسيم (selye 1973)، إذ يرى أن الملاحظة تمر بثلاث مراحل، مرحلة كوني ألاحظ معناه أنني أشاهد أو أعاين، ثم مرحلة كوني ألاحظ معناه أتعرف أو أحدد إن كان الشخص أو الشيء معروف أم غير معروف، و أخيرا مرحلة كوني ألاحظ معناه أنني أقوم بقياس أو بمعنى أوسع، أقوم بتقييم الشخص أو الشيء.

كما أشار إلى أهميتها التي تكمن في التحقق من الافتراضات، أي تسعى إلى معرفة الواقع أو بالأحرى إلى تغييره.

المساءلة و هي "فعل التساؤل حول ظاهرة ما"، إذ يرى بأنها تسبق الملاحظة  وبمثابة المفتاح الأساسي للمعرفة العلمية، حيث تتولد من الشك البناء، والإيجابي الذي يسمح بطرح الأسئلة التي من شأنها أن تؤدي إلى الاكتشاف و تعريف مشكلة البحث وتحديدها.

ومنه تتحدد أهمية المساءلة في كونها تشكل نقطة الانطلاق للاكتشاف حول موضوع أو ظاهرة ما.

الاستدلال و هو حسب المؤلف "فعل التصور عن طريق الذهن"، بمعنى أن المساءلة تقوم على هذا الفعل الرزين و المتعقل و على حب التفكير، والتأمل التجريدي لبلوغ الواقع.  

فأهميته تكمن في قدرته على تحليل الواقع.

المنهج وهو مسألة جوهرية في العلم، فهو "مجموع الإجراءات و الطرق الدقيقة المتبناة من أجل الوصول إلى النتيجة"، بحيث يجب أن تكون هذه الطرق علمية منظمة و مرتبة  ومنهجية، فالمؤلف يرى أن أهمية المنهج تبرز في تنظيم العمل بأكبر دقة ممكنة.

التفتح الذهني و هو "موقف يسمح بتصور طرق جديدة في التفكير"، شريطة التحكم في الذات و ترك الأحكام المسبقة جانبا و قبول النتائج حتى و إن كانت منافية أو مناقضة لأفكارنا المكتسبة، فأهميته تكمن في اكتشاف مختلف طرق التفكير لكن بالتحكم في ردود الأفعال المألوفة والأحكام المسبقة للوصل إلى الأبعاد الجديدة للظاهرة التي تجري ملاحظتها.

الموضوعية و التي تشكل "ميزة من يتطرق إلى الواقع بأكبر صدق ممكن"، أي الابتعاد عن الذاتية و ضمان حد أقصى من الموضوعية، و هذا من خلال النقد من طرف باحثين آخرين حتى تكون النتائج صحيحة مبنية على أساس علمي موضوعي.

 

الفصل الثاني: خصائص العلم. (الصفحة 46 إلى الصفحة 65)

تناول المؤلف في هذا الفصل أنواع المعارف و التي صنفها إلى نوعين هما:

المعارف غير العلمية و التي جمعها في ثلاث فئات كبرى تتمثل في المعارف العادية أو الشعبية، معارف الحرفة أو المهنة، و المعارف الدينية، و هذه المعارف عنده تصل إلينا عن طريق التقليد، أي عن طريق تفكير و تصرف موروث عن الماضي أو عن طريق الاعتقادات الشعبية، أو الخرافات، أو الحدسيات التي تؤدي إلى اكتشاف علمي لا يمكن التنبؤ به و لا حتى بلوغه و لو بتوظيف واستعمال المعرفة العلمية.

المعرفة العلمية و يرى بأنها "نوع من المعرفة المتنامية باستمرار و هي موجهة نحو دراسة الظواهر و التحقق منها".

بعدها ذكر مصادر المعرفة العلمية، إذ يتمثل المصدر الأول في أطروحة الاستقراء التي يعتبرها استدلال مستمد من ملاحظة وقائع خاصة بهدف استخلاص افتراضات عامة تعبر عن علاقة قائمة بين عنصرين أو أكثر بواسطة كلمات أو رموز، أما المصدر الثاني فيتمثل في أطروحة الاستنباط والتي تعتبر استدلال مستمد من افتراضات عامة بغية التحقق من صحتها في الواقع.

فتحديد مصدر المعرفة العلمية يعتمد على الابستمولوجيا باعتبارها فرع مختص بدراسة أسس المعرفة العلمية، و تقديم دراسة نقدية للعلوم لإعطائها قيمتها و أهميتها.

ثم تطرق بعدها للغة العلم التي تقوم على رموز و ألفاظ تمكن الباحث من الاستقراء والاستنباط، فلا بد من توظيف ألفاظ و مفردات ذات معنى واحد و غير غامضة و دقيقة في اللغة العلمية إضافة إلى إقامة الانسجام بين الألفاظ.

وبعد تعريف الباحث المصطلحات و تحديد العلاقة الموجودة بينها يستطيع بناء افتراضات لتفسير جزء من الواقع، والتي تشكل نظرية، و النظرية حسب م. أنجرس هي "مجموعة من المصطلحات والتعريفات و الافتراضات لها علاقة ببعضها البعض، و التي تقترح رؤية منظمة للظاهرة، و ذلك بهدف عرضها و التنبؤ بمظاهرها".

ثم بعدها تحدث عن أهداف العلم التي تشكل أصلا نشاط لمعرفة الواقع، إذ يقول أنه من بين أهداف العلم لا بد من المحافظة على ذهن متفتح و نقدي للقيام باختبار علمي معمق للواقع، يأتي بعدها الوصف كتمثيل مفصل و صادق لموضوع أو ظاهرة ما، ثم التصنيف أي تجميع أشياء و ظواهر انطلاقا من مقياس واحد أو عدة مقاييس، و يليه التفسير و هو الكشف عن علاقات تصف ظاهرة أو عدة ظواهر، ثم الفهم بمعنى اكتشاف طبيعة ظاهرة إنسانية مع أخذ بعين الاعتبار المعاني المعطاة من طرف الأشخاص المبحوثين.

كما تحدث عن العلوم الطبيعة و العلوم الانسانية، فالعلوم الطبيعية حسبه هي علوم تتخذ من المجالات الفيزيقية و الحيوية موضوعا للدراسة، إذ تتعامل مع الأشياء المادية معتمدة في كشف العلاقات بين الظواهر أو الأشياء المادية على التجربة و المخبر اللتان تمثلان شروط مثالية لدراسة ظاهرة أو شيء ما، للوصول إلى نتائج مطلقة يمكن تعميمها.

في حين تأتي العلوم الإنسانية كعلوم تتخذ من الكائن البشري موضوعا للدراسة، فهو يرى بأن هذه العلوم لها طريقة خاصة لعملها و فهمها فهي تتعامل مع كائنات بشرية تتفاعل وتتجاوب، أي غير جامدة مما يؤدي إلى قياس جزئي للظاهرة، و السيطرة النسبية على الموضوع، كما لا يمكن تكميم النتائج و بالتالي لا يمكن تعميمها.

 

                     القسم الثاني: الطريقة العلمية في العلوم الانسانية. 

الفصل الثالث: البحث. (الصفحة 70 إلى الصفحة 95)

تناول المؤلف في هذا الفصل البحث العلمي في العلوم الانسانية، إذ يرى هذا البحث عبارة عن "نشاط علمي يتمثل في جمع المعطيات و تحليلها بهدف الإجابة عن مشكلة بحث معينة"، لكن ضمن إطار احترام القواعد الأخلاقية.

ثم تكلم عن مقاييس تمييز البحث العلمي بذكر مجموعة من المؤشرات التي قد تحمل معلومات حول المبحوثين و التي تتمثل في:

القصد من البحث و هو ما يسمح لنا بالتمييز بين أنواع البحوث، حيث يتمثل النوع الأول من هذه البحوث في البحث الأساسي الذي يدور موضوعه حول النظريات والمبادئ القاعدية، و الذي يهدف إلى تطوير المعارف الخاصة بمجال ما دون مراعاة الانعكاسات التطبيقية، في حين يتمثل النوع الثاني في البحوث التطبيقية، التي تهدف إلى تقديم توضيحات حول مشكلة ما بنية تطبيقها ميدانيا.

و كثاني مقياس لتمييز البحث العلمي نجد نوع المعلومات المتحصل عليها، و التي قد تكون إما معلومات كمية أي تتوفر فيها ميزة القياس كالبحث في المردود الاقتصادي لدولة ما، أو معلومات كيفية غير قابلة للقياس كالبحث في حدث تاريخي...الخ.

أما ثالث مقياس يكمن في الفترة الزمنية المعتبرة، فقد يكون بحث متزامن أي دراسة موضوع معين في فترة زمنية واحدة، أو بحث متعاقب الذي تتم فيه دراسة تطور موضوع معين خلال فترة زمنية متعاقبة.

يليه مقياس المجال الجغرافي أو الرمزي المقصود، فالمجال الجغرافي له علاقة بالإقليم إذ نجد بحث محلي، جهوي، وطني، دولي أو عالمي و هو نوع من البحث يتم القيام به على مستوى محلي ضيق، أو على جزء مهم نسبيا من إقليم ما أو على مستوى بلدين أو أكثر أو على مستوى عالمي، بينما المجال الرمزي المقصود يعود إلى دراسة مجموعات متمايزة أي يهتم بدراسة مجموعة من الأشخاص بهدف مقارنتها بمجموعة أو بعدة مجموعات.

ثم يأتي مقياس موقع جمع المعطيات أو مكانها، إذ نجد ثلاث أنواع، النوع الأول يتمثل في البحوث الميدانية، والتي تقرب الباحث من مجتمع البحث محل الدراسة، أما النوع الثاني فهي البحوث المخبرية التي تجري في مكان مخصص لذلك، في حين النوع الثالث يكمن في البحوث التي تجري على وثائق أي تستمد معلوماتها من وثائق.

أما مقياس العناصر المنتقاة فحدد المؤلف ثلاث أنواع من البحوث، البحث الشامل و الذي يهتم بدراسة كل أفراد مجتمع البحث، البحث بالمعاينة الذي يجري على جزء من مجتمع البحث، و أخيرا البحث المونوغرافي الذي يجري على وحدة واحدة فقط من مجتمع البحث.

أما على حسب مقياس ميدان التخصص فنجد أربع أنواع من البحوث، بحث تخصصي أي يجري في تخصص واحد فقط، بحث متعدد التخصصات أي بحث يقوم به باحثون من تخصصين أو أكثر حول نفس الموضوع و لكن بكيفية منفصلة، بحث متداخل التخصصات أي بحث يساهم فيه تخصصين أو أكثر بصفة مشتركة حول نفس الموضوع، و أخيرا بحث عابر للتخصصات و الذي يجري قصد صياغة ممارسة و خطاب علميين مشتركين بين عدة تخصصات.

أما من خلال المقياس الأخير هدف البحث فميز المؤلف أربع أنواع من البحوث، بحث وصفي يهدف إلى تمثيل ظاهرة أو موضوع ما بكل تفاصيله، بحث تصنيفي يسعى إلى جمع

و ترتيب عدة ظواهر وفقا لمقياس أو أكثر، بحث تفسيري يهدف إلى إقامة علاقة بين الظواهر، وأخيرا بحث فهمي يكمن هدفه في إدراك أو فهم المعنى الذي يعطيه الأفراد لتصرفاتهم.

ثم تطرق الفصل لحلقة البحث التي تعتبر حركة دائرية للفكر و النشاط العلميين و التي تمر أساسا من التصور، من المنهجية و من الملاحظات، فأثناء مرحلة التصور يكون المرء مشغولا بموضوع معين فيقوم بإعداد مشروع البحث كل حسب تخصصه استنادا إلى نظريات و مفاهيم لتشكيل فرضيات تصبح محل تساؤل لاحق.

أما خلال مرحلة المنهجية فلابد من توفر معلومات عن المناهج و أدوات جمع المعطيات الممكنة، وذلك بهدف جمع المعطيات و المعلومات الملائمة و هذا للمرور إلى مرحلة الملاحظات التي يقوم فيها الباحث و انطلاقا من الواقع بجمع معطياته التي تعلمه عما كان يتصوره، ثم يمر بعد ذلك إلى تحليل المعطيات التي جمعها مما يسمح له بتأكيد أو نفي الفرضيات التي صاغها في مرحلة التصور.

كما تناول الفصل بعدها مراحل البحث العابرة للتخصصات وهي فترات متتالية لنشاط علمي، و تتمثل هذه المراحل في:

تعريف المشكلة و تتضمن صياغة أو طرح مشكلة البحث ثم تحديد جانبها العملياتي.

البناء التقني و تتضمن اختيار واحدة من تقنيات البحث الأساسية، و بالتالي الإعداد للأدوات المرتبطة بالتقنية المفضلة.

جمع المعطيات إذ تفترض انتقاء عدد من الأشخاص أو وحدات أخرى و ذلك حسب طريقة المعاينة، ثم التوظيف الصحيح للتقنية المستعملة.

التحليل والتأويل و التي تبدأ بتحضير المعطيات التي تم جمعها و تنتهي بكتابة تقرير البحث الذي يوضح تحليل المعطيات المحضرة و تأويل النتائج و مدى متانة المرحلة التي تم اجتيازها، و الذي يقدم في نفس الوقت توضيحات حول السير الكلي للبحث.

ثم انتقل المؤلف للحديث حول أخلاقيات البحث العلمي التي يعتبرها مبادئ و واجبات أخلاقية مرتبطة بسير نشاط البحث، و المتعلقة بالعناصر البشرية، والتي تفترض احترام الأشخاص المشاركين في البحث و احترام نزاهتهم و حياتهم الخاصة، و عدم استغلالهم أو إفشاء أسرارهم، كما يجب التفكير في التقليص من العيوب التي ربما تسببها لهم مشاركتهم في البحث و أن تعطى ضمانات أن هذه العيوب لا تتجاوز المزايا المنتظرة، كما أن الشفافية و إقامة جو من الثقة و الاحترام المتبادل هو واحد من شروط النجاح العلمي، فمثل ما هو حق على الباحث القيام بالبحث الذي يهمه، هو أيضا من حق الجمهور الاطلاع على نتائج البحث حتى تبقى القيمة الإيجابية للعلم قائمة في المجتمع ومستمرة. 

الفصل الرابع: المنهجية. (الصفحة 98 إلى الصفحة 117)

تناول هذا الفصل نقطة مهمة ألا وهي المنهجية التي تشكل " مجموع المناهج و التقنيات التي توجه إعداد البحث و ترشد الطريقة العلمية"، كما يشير الفصل إلى المنهج هو الآخر ويرى بأنه " مجموعة منظمة من العمليات تسعى لبلوغ هدف".

 فالمنهج يتضمن العديد من المعاني المختلفة، فهو ينص على كيفية تصور و تخطيط العمل حول موضوع دراسة ما في ميدان ما، إذ يتدخل بطريقة أكثر أو أقل إلحاح، بأكثر أو أقل دقة، في كل مراحل البحث.

بعدها جاء المؤلف بالمصطلحات القريبة من مصطلح منهج، و أول مصطلح هو 'التناول' الذي يعتبر طريقة خاصة غير تقليدية في استعمال النظرية العلمية، بمعنى أن يستلهم باحث من باحث آخر أو يتبعه أو يستقي من نظريته أكثر مما يستقي من غيرها.

أما ثان مصطلح فهو 'النموذج النظري' الذي يمثل مجموعة من القناعات و طرق العمل المشتركة بين مجموعة من العلماء في مدة زمنية معينة.

كما حدد المؤلف نوعين هامين من المناهج، وهي المناهج الكمية التي تمثل مجموعة من الإجراءات لقياس الظواهر، و المناهج الكيفية التي تمثل مجموعة من الإجراءات لتحديد الظواهر.

كما تطرق بعدها إلى المنهج العلمي الذي يعتبره طريقة جماعية لاكتساب المعارف القائمة على الاستدلال و على إجراءات معترف بها للتحقق في الواقع.

و من ثم تحدث حول ثلاثة مناهج نموذجية في العلوم الانسانية، ألا و هي:

 المنهج التجريبي و هو طريقة لدراسة موضوع بحث بإخضاعه للتجربة و جعله دراسة قائمة على السببية، أي إقامة علاقة سببية بين الظواهر أو المتغيرات.

المنهج التاريخي و الذي يشكل طريقة لتناول و تأويل حادثة وقعت في الماضي، وفق إجراء البحث و الفحص الخاص بالوثائق و نقدها، و لهذا النقد مستويين أحدهما داخلي والآخر خارجي، فالداخلي يقوم على إثبات مصداقية محتوى الوثيقة باستعمال إجراءات متنوعة، أما الخارجي فيقوم على إثبات أصالة الوثيقة باستعمال إجراءات متنوعة و ذلك من خلال مساءلة خاصة بالمنهج التاريخي.

منهج البحث الميداني و قد عرفه المؤلف على أنه "طريقة تناول موضوع بحث باتباع إجراءات تقصي مطبقة على مجتمع بحث".

كما تناول الفصل تقنيات البحث و مقاييس تصنيفها، إذ يعتبر تقنية البحث "مجموعة من إجراءات وأدوات التقصي المستعملة منهجيا"، و تمثل هذه التقنيات الوسائل الأساسية لتقصي الواقع الاجتماعي و التي يمكن تصنيفها في سبعة مقاييس هي:

الاتصال أو غياب الاتصال، و قد يكون هذا الاتصال مباشرا أو غير مباشر، ففي الحالة الأولى يقوم الباحث بجمع المعلومات من الأشخاص الذين يتصل بهم واحدا واحدا، أو من مجموعات، و ذلك عن طريق الملاحظة، التحقيق و التجربة، كما يمكن أن يكون الاتصال بالمخبرين موجه، نصف موجه، أو غير موجه تماما و ذلك حسب درجة حرية التعبير الفعل الذي يسمح لهم بها الباحث، أما فيما يخص الاتصال الغير مباشر، فإن الباحث يعتمد على المواد المنتجة، الوثائق أو الأشياء التي يكون مصدرها الأشخاص أو المجموعات أو تلك التي تعنيهم أو تشير إليهم. أما عن محتوى الوثائق فيمكن أن يكون من طرازين: رقمي أو غير رقمي. و يمكن أن نضيف إلى ذلك أن المعطيات التي يتم جمعها يمكن أن تكون من النوع الكمي أو الكيفي.

أخيرا، من أجل إضفاء المصداقية العلمية الكاملة على بحث ما، على الباحث أن يضمن صحته، وتكمن فائدة صحة البحث هنا في مطابقة هدف البحث مع المعطيات المتحصل عليها. ففي البحث الكيفي، خاصة، يلجأ الباحث إلى استخدام التقييم بواسطة المقارنة، وهو عبارة عن وسيلة لتنمية الصرامة العلمية و توسيعها من خلال المقارنات المتنوعة.

 

                القسم الثالث: المرحلة الأولى من البحث (تحديد المشكلة).

الفصل الخامس: الطرح.( الصفحة 122 إلى الصفحة 147)

تطرق المؤلف في هذا الفصل لمشكلة اختيار الموضوع، الذي يرى بأنه لا بد من التفكير الكافي والعميق لاختياره، بحيث يكون موضوع ذو فائدة جدير بالاهتمام و يثير الفضول ومن أهم مصادر الإلهام التي تساعد الباحث على اختياره نجد، التجارب المعيشة، رغبة الباحث في أن يكون بحثه مفيدا، ملاحظة المحيط المباشر أو الواسع، تبادل الأفكار والبحوث السابقة ( أي استعراض الأدبيات حول الموضوع)، كما لا بد من معرفة إذا ما كان الموضوع قابل للإنجاز و ذلك بالنظر إلى الموارد البشرية و المادية  التي يمتلكها الباحث، و كذلك الشروط التقنية و الزمنية المحددة، فهي عبارة عن مقاييس يجب أخذها بعين الاعتبار عند تقييم الامكانيات الخاصة بإنجاز البحث و التي يمكن حصرها كالتالي:

توفر الوقت اللازم لإعداد الدراسة، الموارد المادية المتاحة للباحث، إمكانية الوصول إلى  مصادر المعلومات أي الوصول إلى أماكن تواجدها و إذا ما كانت تخدم الموضوع، درجة تعقد الموضوع أي على الباحث أن يختار موضوع بسيط لا يتطلب فحص عدد كبير من العناصر في نفس الوقت، إجماع الفرقة فلما يكون موضوع البحث في إطار فرقة، ينبغي أن تكون مناقشة صريحة بين أعضائها بهدف الوصول إلى إجماع حول الموضوع، وأخيرا الخيال فهنا على الباحث أن يتصور عدة سيناريوهات ممكنة حول موضوع ما، فإذا كان أحدهم في متناول الباحث فعندئذ تصبح دراسة الموضوع ممكنة.

أما فيما يخص استعراض الأدبيات فلا بد من التعرف على كيفية الحصول على الوثائق، حيث ينطوي هذا على عدد من العمليات التي لا بد من القيام بها و هي إثراء، في عرض مختصر موضوع البحث و إيجاد قائمة للمفردات الأساسية التي تغطي مختلف جوانب المضوع، الذهاب إلى المكتبة بصفة متتالية بهدف استعمال الكتب المرجعية العامة، مراجعة فهرس الدوريات، و كذا الدليل العام و المصادر الأخرى الموجودة بها، وضع قائمة عن الوثائق المتصلة بالموضوع، تعيين الوثائق المطلوب قراءتها لاحقا، تسجيل أهم ما يحتفظ به على البطاقة.

لكن يجب عند انتقاء الموضوع تقييم نوعيتها، و ذلك من خلال إقامة نقد داخلي وخارجي للوثيقة حتى يتم انتقاء الوثائق الحقيقية و التي لها مصداقية و علاقة بموضوع البحث المتوقع.

و أخيرا تكلم المؤلف حول التدقيق في مشكلة البحث، فالتدقيق فيها يتطلب طرح أربعة أسئلة الأول هو لماذا نهتم بهذا الموضوع؟ بمعنى ما هو السبب و المقصود و الغرض الذي دفع الباحث لاختياره موضوع ما، أما السؤال الثاني هو ما الذي نطمح إليه؟، أي تحديد الهدف، في حين تجسد الثالث في السؤال التالي ماذا نعرف إلى حد الآن؟، يؤدي إلى القيام بحوصلة السؤال حول المعارف المكتسبة خلال استعراض الأدبيات، بينما السؤال الرابع تمثل في أي سؤال بحث سنطرح؟، و الذي يسمح بالطرح الدقيق لسؤال البحث الذي سيوجه كل طريقة البحث المقبلة. و لطرح هذا السؤال لابد من توفر الحد الأدنى من المعرفة بالنظريات التي لها علاقة بالفرع العلمي المعني، لأن النظريات بتوفيرها لبعض أفاق التفسير و الفهم، تضمن تصنيفا أوليا لمشكلة البحث و تنظيما لها.

الفصل السادس: العملياتية. (الصفحة 150 إلى الصفحة178 )

يقول المؤلف في هذا الفصل أن العملياتية هي "سيرورة عملية تجسيد سؤال البحث بهدف جعله قابلا للملاحظة"، و أول خطوة لتطبيق هذه العملياتية هو صياغة الفرضيات التي عرفها على أنها "تصريح يتنبؤ بعلاقة بين عنصرين أو أكثر و يتضمن تحقيق أمبريقي"، فمن خصائص الفرضية، التصريح أي أن تصرح في جملة بعلاقة واضحة قائمة بين حدين أو أكثر، التنبؤ أي تنبؤ ما سنكتشفه في الواقع، و وسيلة للتحقق أي إمكانية مقارنة الافتراضات بالواقع من خلال ملاحظة هذا الأخير.

كما يقول بالنسبة لهدف البحث، أن التصريح عن غاية للإجابة عن سؤال البحث يستلزم القيام بتحقق أمبريقي.

و للفرضية أربع حدود، حدود غير مبهمة أي واضحة لا تترك أي مجال للشك أثناء القيام بتأويلها، حدود دقيقة، حدود دالة أي حدود ذات معاني، و أخيرا حدود حيادية أي حدود غير مصاغة في شكل تمنيات و لا في شكل أحكام شخصية حول الواقع.

بينما أشكالها فهي ثلاثة، الفرضية أحادية المتغير أي تركز على ظاهرة واحدة بهدف التنبؤ بتطورها و مداها، الفرضية ثنائية المتغيرات تعتمد على عنصرين أساسيين يربط بينهما التنبؤ و التي تهدف إلى تفسير الظواهر، الفرضية متعددة المتغيرات التي تبين وجود علاقة بين ظواهر عديدة.

في حين تكمن أهميتها في السماح بالانتقال من الجانب التجريدي إلى الجانب الملموس، وفي اكتشاف جزء من الواقع، مع الإشارة إلى أهمية التفتح الذهني على النتائج التي تناقض الفرضية، فالظواهر الإنسانية في تغير مستمر، و الفرضيات قد تكون صحيحة أو خاطئة.

كما تم التطرق في هذا الفصل إلى التحليل المفهومي الذي يعتبر" سيرورة تجسيد مفاهيم الفرضية أو هدف البحث"، و هذه المفاهيم هي تصور ذهني عام و مجرد لظاهرة أو أكثر و للعلاقات الموجودة بينها، إذ لا بد من تجريد المفهوم حتى نصل إلى مستوى أكبر وعالي من الواقع الملحوظ، أيضا لا بد من تعريفها المؤقت و أصلها فهذا يسمح بتبديد الغموض والشكوك و ضبط موضوع البحث.

ثم انتقل المؤلف إلى مرحلة أخرى من مراحل التحليل المفهومي و هي أبعاد المفهوم، وهي أحد مكونات أو جانب من جوانب المفهوم و الذي يشير إلى مستوى معين من واقع هذا الأخير، إذ يمر المفهوم بمرحلة التفكيك للحصول على أبعاد التي لا يمكن قياسها مباشرة والتي تمثل مستوى وسطي بين التصور التجريدي والعام، ومن ثم تجزئة البعد إلى مؤشرات قابلة للقياس والتي يمكن من خلالها ملاحظة الواقع، لكن قد يكون عدد المؤشرات كبير مما يتطلب اختيارها وفقا للوسط المدروس والحصول على العدد الكافي منها للتمكن من التحليل و البناء.

أما أنواع المؤشرات فنجد مؤشرات ذات التفيئة العددية، ذات التفيئة الترتيبية، و ذات التفيئة الإسمية، وهذه المؤشرات يتم تجميعها في أدلة، التي تسمح بقياس كمي يجمع مجموعة من المؤشرات من طبيعة واحدة.  

و لهذه الأدلة أنواع هي الأخرى حسب التخصص و المجال و موضوع البحث ففي العلوم الإنسانية نجد السلالم التي تشكل تقنيات تستعمل لمنح علامات للأفراد بهدف ترتيبهم.

و تطرق المؤلف أيضا في هذا الفصل إلى المتغيرات التي يرى بأنها "ميزة خاصة بأشخاص، بأشياء أو بأوضاع مرتبطة بمفهوم و التي يمكن أن تأخذ قيما متنوعة"، فالبعض منها يتقبل القياس التصنيفي، و البعض الآخر يتقبل القياس العددي بإظهار صورة رقمية، إذ نجد نوعين من المتغيرات، المتغير المستقل الذي له تأثير على المتغير التابع، و المتغير التابع الذي يؤثر فيه المتغير المستقل، والمتغيرات الوسيطة التي تتوسط  بين المتغيرات  المستقلة و التابعة.

بعد الانتهاء من وضع الإطار المفهومي و العملي، لابد من التأكد من متانة هذا البناء، وذلك من خلال التأكد من الصحة الداخلية أي وجود انسجام منطقي بين العناصر المحددة للبحث، و الصحة الخارجية بالتأكد من التطابق بين ظواهر مدروسة و مصطلحات مستعملة في تعريفها.

بقي في الأخير وضع الإطار المرجعي من أجل انطلاقة سليمة، إذ يتضمن هذا الإطار حسب المؤلف إشارات إلى مجموعة أفراد البحث المستهدفين و إلى فترة تواجد هؤلاء الأفراد، و التي هي محل اهتمامنا، بالإضافة إلى استعراض حالة الموارد المادية و كذا الوقت اللذين يكونان في متناولنا. إن هذه العناصر الأساسية لا غنى عنها في تخطيط البحث.

 

                   القسم الرابع: المرحلة الثانية من البحث (البناء التقني).

الفصل السابع: تقنيات البحث. (الصفحة 184 إلى الصفحة 232)

تناول المؤلف في هذا الفصل تقنيات البحث التي عرفها بأنها " مجموعة إجراءات و أدوات التقصي المستعملة منهجيا"، فمنها من تعطينا معلومات أولية أي معلومات جديدة ناتجة عن البحث مثل:

الملاحظة التي يعتبرها المؤلف تقنية مباشرة للتقصي العلمي، تسمح بملاحظة مجموعة ما بطريقة غير موجهة من أجل القيام عادة بسحب كيفي بهدف فهم المواقف و السلوكيات، بشرط أن تكون منتظمة من خلال وصف صادق للسلوكيات و التنبؤ بها، ومن أشكالها الملاحظة بالمشاركة أي يشارك الملاحظ في حياة الأشخاص الموجودين تحت الملاحظة، والملاحظة من دون مشاركة و هي عكس الأولى، كما تتطلب مدة زمنية طويلة أو محدودة نسبيا، و التي تجرى في ميدان الدراسة، ونجد أيضا الملاحظة المستترة التي لا يدري فيها المبحوثين أنهم محل ملاحظة، و الملاحظة المكشوفة التي يعرف فيها المبحوثين أنهم تحت  عملية الملاحظة.

إلا أن للملاحظة مزايا و عيوب، إذ تكمن مزاياها في إمكانية إدراك الواقع المباشر، الفهم العميق للعناصر، بلوغ الصورة الشاملة، اندماج أفضل للباحث، التعاون بسهولة مع المخبرين، ملاحظة ردود أفعال عفوية غير مصطنعة، الحصول على المعلومات مباشرة دون وسيط، أما عيوبها فتكمن في عدم القدرة على التركيز على مجموعات كبيرة من الأفراد بل مجموعات صغيرة فقط لذا يصعب تعميم النتائج، تعود الباحث على طرق عيش الأفراد محل الدراسة و تفكيرهم قد يعيقه عن مشاهدة بعض الوقائع الدالة مما يؤدي إلى إهمالها و اعتبارها مجرد وقائع عادية، الغياب عن بعض الأحداث، نقص تجانس المعطيات، مما يزيد من ثقل المسؤولية على الباحث.

المقابلة تعتبر تقنية مباشرة للتقصي العلمي تستعمل إزاء الأفراد الذين تم سحبهم بكيفية منعزلة، غير أنها تستعمل في بعض الحالات، إزاء المجموعات من أجل استجوابهم بطريقة نصف موجهة و القيام بسحب عينة كيفية بهدف التعرف بعمق على المستجوبين.

كما ذكر المؤلف نوعين من المقابلة، سيرة الحياة و هي مقابلة بحث بهدف جمع ما يروى عن ماضي شخص ما، و مقابلة المجموعة و هي مقابلة بحث لمعرفة ردود أفعال مجموعة معينة من الأفراد الذين يشتركون في شيء ما.

كما للمقابلة مزايا و عيوب، إذ تتحدد مزاياها في مرونتها لأنها تتم شفهيا، إعطاء أجوبة متباينة، إثارة الاهتمام، الإدراك الشامل للمستجوب، الوعي لدى المجموعة، أما عيوبها فتتمثل في تزييف الحقيقة من طرف المستجوبين، إثارة مواقف دفاعية من طرف المبحوثين أو تأويل مبالغ فيه، وأخيرا نقص الانتظام بين المقابلات مع وقوع بعض الأمور غير المتوقعة أثناء اللقاء.

الاستمارة أو سبر الآراء و هي تقنية مباشرة للتقصي العلمي تستعمل إزاء الأفراد و تسمح باستجوابهم بطريقة موجهة و القيام بسحب كمي بهدف إيجاد علاقات رياضية و القيام بمقارنات رقمية، فالفرق بين الاستمارة و سبر الآراء هو أن الاستمارة تتناول أنواعا عديدة من المواضيع، كما تعرض عدد من الأسئلة المقننة أو الموحدة النمط على المبحوثين مع اقتراح أجوبة، بينما سبر الآراء يحمل عددا قليلا من الأسئلة متعلقة بالآراء.

و للاستبار أنواع، سبر فوري أي تقصي يتم في مدة زمنية واحدة، سبر متكرر يجري أكثر من مرة واحدة على نفس الأفراد، سبر الاتجاه و يتم في فترات زمنية مختلفة بطرح نفس الأسئلة تقريبا على أفراد مختلفين.

بينما الاستمارة نجد نوعين استمارة الملء الذاتي و التي تملأ من طرف المبحوث نفسه، واستمارة بالمقابلة عبارة عن وجيز أسئلة يطرحها المستجوب الذي يقوم بتسجيل الإجابات المقدمة من طرف المستجوب.

و لكلاهما مزايا و عيوب، حيث تتمثل المزايا في قلة التكلفة، سرعة التنفيذ، تسجيل السلوكات غير الملاحظة، إمكانية مقارنة الإجابات، و التطبيق على عدد كبير، في حين تتمثل عيوبها في التزييف الإرادي للأقوال، عجز بعض المبحوثين على قراءة و فهم كتابة المبحوثين، معلومات موجزة غير وافية بالغرض، رفض الإجابة.

التجريب و هي تقنية مباشرة للتقصي العلمي عادة ما تستعمل اتجاه الأفراد في إطار التجربة التي تتم بكيفية موجهة و التي تسمح بسحب عينة كمية بغرض تفسير الظواهر والتنبؤ الاحصائي بها.

كما أنه يتعلق بإخضاع عناصر بشرية لمتغيرات أو حوافز للتحقق من مدى تأثيرها فيهم. فالتجريب في شكله الكلاسيكي يتم في المخبر حيث يقوم الباحث بمهمة إثارته و مراقبته في هذه الحالة نقوم بإجراء اختبار قبلي و اختبار بعدي على عناصر التجربة، فنقوم مسبقا بجمع البعض منهم في المجموعة التجريبية، أي المجموعة التي تخضع للمتغير المستقل والبعض الآخر في مجموعة المراقبة، أي المجموعة التي لا تخضع لتأثير المتغير المستقل، كما يمكن أن يجري التجريب في وسط طبيعي و عادي للحياة، غير أننا في هذه الحالة نتحول عادة إلى مسجلين لما يحدث و لذا نتكلم في هذا المجال عن التجربة المسندة، نستطيع أيضا العمل و كأننا في إطار تجريبي و ذلك باستعمالنا للتجربة المصطنعة التي تتمثل في إعداد نموذج مبسط للواقع و الذي نقوم بتحريكه أو تشغيله بفضل إمكانيات الإعلام الآلي، إن التجريب يسمح لنا بالقيام بدراسة السببية و السيطرة على كامل الوضعية و قياس الظواهر بالرغم من كل هذا فإن التجريب ينشئ وضعا مبسطا للواقع، و العناصر التي تخضع له لا تكون بالضرورة ممثلة للمجموعة الكلية، كما يمكن أن تتميز كل من المجموعة التجريبية و مجموعة المراقبة بعدم الاستقرار.

تحليل المحتوى و يعرفها المؤلف على أنها " تقنية غير مباشرة للتقصي العلمي تطبق على المواد المكتوبة، المسموعة، أو المرئية، و التي تصدر عن الأفراد أو الجماعات حيث يكون المحتوى غير رقمي، و يسمح بالقيام بسحب كيفي أو كمي بهدف التفسير و الفهم والمقارنة.

و لتحليل المحتوى نوعين ذكرها المؤلف كالتالي، تحليل المحتوى الظاهري لوثيقة أي ما هو واضح و مصاغ حقيقة في وثيقة، و تحليل المحتوى المستتر لوثيقة، أي ما هو كامن أو مضمر في وثيقة، إذ تعتبر هذه التقنية تقنية أو دعامة مكملة لاستعمال تقنيات أخرى.

و لهذه التقنية مزايا و عيوب هي الأخرى، فمزاياها تتمثل في تعميق الرمزية أي فحص المجال الذهني لشخص أو مجموعة، إمكانيات الدراسات المقارنة و التطورية أي الحصول على المادة بطريقة المقارنة بين إنتاج مختلف المؤلفين و مختلف الجماعات، ثراء التأويل أي وثيقة واحدة يمكن دراستها من طرف عدة محللين كل حسب هدفه من الدراسة و اتجاهه في حل المشاكل المتنوعة، بينما تتمثل عيوبها في طول مدة التحليل، الابتعاد عن الواقع، والتقدير السيء للمعطيات.

تحليل الاحصائيات و هي تمثل "تقنية غير مباشرة للتقصي العلمي مطبقة على مواد أو وثائق متعلقة بأفراد أو جماعات و هي ذات محتوى رقمي تسمح بسحب كمي من أجل التفسيرات الإحصائية والمقارنات الرقمية"، و لهذه الإحصائيات مصادر عديدة كالحكومات، الجامعات، الهيئات المختصة، المجلات، و فائدة هذه المصادر هو إعطاء معطيات موحدة، أي معلومات مرتبطة بكل عنصر أو فرد من أفراد مجتمع الدراسة أو العينة، كذلك لهذه التقنية مزايا و عيوب، حيث تتمثل مزاياها في خفض التكاليف، إمكانية إجراء الدراسات الواسعة و التطورية، تكملة ملائمة لبحث لا يزال يجري، التعمق في بحث تم إنجازه، أما عيوبها فتكمن في الصعوبات التي تشكلها الإحصائيات المبنية من طرف الغير التي قد لا تتماشى أو تتطابق كلية مع عناصر تحديد المشكلة، إضافة إلى أخطاء جمع

المعطيات.


الفصل الثامن: بناء أدوات الجمع.( الصفحة 234 إلى الصفحة 292)

لكي نستعمل تقنيات البحث لابد من بنائها، حتى تكون مناسبة لمشكلة البحث المطروحة، حيث بدأ المؤلف ببناء إطار الملاحظة الذي يعتبره "أداة لجمع المعطيات يتم بناؤها من  أجل ملاحظة وسط معطى"، و لبناء إطار الملاحظة يجب على الباحث حصر عناصر الوسط الذي ستجرى فيه الملاحظة و ذلك من خلال رسم ملامح الوضع موضوع الدراسة، بعدها يقوم بالتحديد النسبي للوسط الذي ستجرى فيه الملاحظة بمعنى حصر موقع الملاحظة أو نشاط مستمر مع المجموعة، ثم يقوم الباحث بإعداد نظام لتسجيل المشاهدات بالارتكاز على الفرضيات أو الهدف، ووضع مصطلحات في شكل عملياتي تنفيذي، بعدها يقوم بتدوين المشاهدات التأملية و الفعلية و حفظها في شبكة الملاحظة ودفتر المشاهدات، كما يستعين الباحث بالمشاهدات المكملة عند الضرورة، التي تقدم عادة إضافات فيما يخص إطار بناء الملاحظة.

بينما بناء وثيقة الأسئلة فيعتبرها المؤلف "أداة لجمع المعطيات، يتم بناؤها من أجل إخضاع الأفراد لمجموعة من الأسئلة"، إذ ينطلق الباحث في إعداد هذه الأسئلة من المؤشرات المتولدة من التحليل المفهومي، و من نماذج الأسئلة المستعملة نجد، الأسئلة المغلقة التي تفرض على المبحوث أن يقوم باختيار جواب من بين عدد معين من الإجابات المقبولة المقدمة، السؤال الثنائي التفرع، و هو السؤال الذي يجبر المبحوث على الاختيار بين إجابتين فقط، السؤال المتعدد الاختيار الذي يمنح المبحوث جملة من الأجوبة المعقولة والممكنة، السؤال المفتوح و الذي لا يفرض أي إلزام على المبحوث في صياغة إجابته.

و لصياغة الأسئلة لا بد أن تكون حسب المؤلف، تحتوي على فكرة واحدة، لا تبالغ في التبجيل، أن تكون حيادية، بسيطة و خالية من المفردات المتخصصة و المجردة، قصيرة قدر المستطاع لتجنب سوء الفهم، واضحة لتفادي عدم الدقة، ومعقولة.

أما صياغة اختيارات الإجابات فينبغي أن تكون كل الأجوبة المقترحة مقبولة، واضحة وغير غامضة، شاملة، أن تكون فئات الإجابات حصرية بالتبادل، محدودة، متوازنة، مع استخدام التناوب في التصريحات المعبرة عن حكم.

أما بالنسبة للأسئلة الأكثر شخصية فعلى الباحث وضعها في نهاية الوثيقة، لكي يتحصل على تجاوب المخبر معه.

و فيما يخص الترتيب العام للأسئلة، لابد أن تكون الوثيقة سهلة الملء و غير منفرة، محررة بصفة جيدة نظيفة، سهلة القراءة، الإشارة إلى طريقة الإجابة، صفحات الوثيقة غير مكتظة، ترك الهوامش على يمين و يسار الصفحة لاستخدامها أثناء المعالجة بالإعلام الآلي، اللجوء للأسئلة التوجيهية التي تشير للمبحوث أن يواصل بطريقة مختلفة حسب الإجابة المقدمة.

في حين يتطلب تناسق وضع الأسئلة عند المؤلف على ترتيب الأسئلة من السهلة إلى الصعبة، و من اللاشخصي إلى الشخصي، عرض الأجزاء التي تبدو أنها مرتبطة بكيفية متتالية و بانسجام، الانتقال من الجزء إلى العام، البدء بسؤال إخباري ليليه سؤال الرأي، كما لا بد أن ترفق الاستمارة بنص يقدمها.

و لضمان صلاحية وثيقة الأسئلة لابد من أن تتضمن تحديد مشكلة البحث، تقييم مدى التلاؤم بين طرح المشكلة و كيفية صياغة الأسئلة، تقديم الوثيقة لأشخاص نعرف أنهم يملكون قدرات معتبرة في هذا الميدان، القيام بدراسة استطلاعية بعرض الوثيقة على أشخاص تتوفر فيهم نفس خصائص مجتمع البحث.

أما بالنسبة لبناء مخطط أو دليل المقابلة  فهي " أداة لجمع المعطيات تبنى من أجل أن نسأل بصفة معمقة شخص أو مجموعة صغيرة"، و التي يكون مصدر الأسئلة فيها من التحليل المفهومي، ونموذج السؤال المستخدم في هذا النوع من الأداة هو السؤال المفتوح حيث يشعر المبحوث بالحرية في الإجابة، فعند صياغة الأسئلة و تنسيقها لا بد من استخدام الجمل الصغيرة المفهومة، الانتقال من المواضيع اللاشخصية إلى المواضيع الشخصية، تجنب الأسئلة المحرجة، استخدام أسئلة بسيطة قبل الأسئلة الصعبة، وضع أسئلة الحالة في نهاية المخطط أو الدليل.

كما على الباحث التحضير لعملية تقديم المقابلة بتحضير و كتابة تقديم للمقابلة، بعد ذلك يقوم بالتذكير بمبرر اللقاء مع التحديد بكل وضوح و باختصار لموضوع البحث.

أما بالنسبة إلى التجربة، فالمطلوب هو بناء مخطط تجريبي، يتضمن هذا المخطط وصفا للمتغيرات التابعة و الطريقة التي نستطيع بواسطتها استعمال و تحريك المتغيرات الأولى وقياس تأثيراتها في المتغيرات الثانية. كما ينبغي علينا أيضا أن نحدد بدقة كيفية إقصاء تأثيرات المتغيرات الوسيطة. إن الاختبارات، الاستمارات، شبكات الملاحظة، الأجهزة والأدوات يمكن أن تساعد و بدرجات مختلفة وحسب نوع التجربة في قياس تأثيرات المتغير المستقل. يبقى بعد ذلك تحديد كيفية توزيع عناصر التجربة. يمكننا عندئذ إنشاء مجموعة واحدة من العناصر التي سنخضعها للمتغير المستقل أو على الأقل إنشاء مجموعتين، المجموعة التجريبية و مجموعة المراقبة، و في الأخير نقوم بتحرير توصية موحدة تقدم إلى العناصر التي نجري عليها التجربة.

أما فيما يخص تحليل المحتوى، فالمطلوب هو بناء الفئات، فنقرر من جهة ماهي وحدات الدلالة التي سنحتفظ بها و من جهة أخرى الكيفية أو الطريقة التي سنختار على ضوئها هذه الوحدات، إما عن طريق الحساب، أو التقدير، ينتج اختيار الفئات عن المؤشرات، إذ ينبغي لهذه الفئات أن تكون شاملة، واضحة، حصرية، متزنة و مرنة. فالشكل النهائي لأداة الجمع يصبح عبارة عن ورقة للترميز أو نظام من البطاقات يسمح بالجمع المنتظم لكل العناصر أو العوامل الهامة في الوثائق لتحديد المشكلة.

أما بالنسبة لتحليل الاحصائيات فالمطلوب هو بناء السلسلات الرقمية، لإعداد ذلك يقوم الباحث باستخراج المعلومات من تحليله المفهومي، و لا يبقى له بعد ذلك سوى تحديد بدقة طبيعة سلسلات الأرقام المرتبطة بهذه المعلومات التي سيتم جمعها و ترقيمها فيما بعد.

و أخيرا يقوم الباحث باختبار أداة الجمع للتأكد من  أمانتها أي أنها تنتج نفس النتائج لو استعملت مرات متكررة، و أنها دقيقة، أي أنها تسجل جيدا الظواهر محل الدراسة مع الأخذ بعين الاعتبار لتغيراتها.

 

             القسم الخامس: المرحلة الثالثة من البحث (جمع المعطيات).

الفصل التاسع: انتقاء عناصر مجتمع البحث. (الصفحة 298 إلى الصفحة 329)

تناول الباحث في هذا الفصل عنصر مهم و هو مجتمع البحث الذي يعرفه على أنه " مجموعة عناصر لها خاصية أو عدة خصائص مشتركة تميزها عن غيرها من العناصر الأخرى و التي يجري عليها البحث أو التقصي"، و هذه العناصر هي التي تكون عدده الإجمالي. و لكي يكون البحث مقبولا و قابل للإنجاز لا بد من تعريف هذا المجتمع الذي نريد فحصه، و أن نوضح المقاييس المستعملة من أجل حصره.

أما فيما يخص العينة و المعاينة فالمؤلف يقول بأن العينة هي "مجموعة فرعية من عناصر مجتمع بحث معين"، بينما المعاينة هي "مجموعة من العمليات تسمح بانتقاء مجموعة فرعية من مجتمع البحث بهدف تكوين عينة"، و من أنواع المعاينة نجد، المعاينة الاحتمالية و هي نوع من المعاينة يكون فيها احتمال الانتقاء معروفا بالنسبة إلى كل عنصر من عناصر مجتمع البحث و الذي يسمح بتقدير درجة تمثيلية العينة، فهذه المعاينة تتطلب قائمة تسمى بقاعدة مجتمع البحث أو السبر و هي تشمل كل عناصر مجتمع البحث، و التي تسمح بتقدير درجة التمثيلية التي تمثل ميزة عينة يتم إعدادها بطريقة تنطوي على نفس خصائص مجتمع البحث الذي أخذت منه.

أما النوع الثاني من المعاينة هي المعاينة الغير احتمالية و التي يكون فيها احتمال انتقاء عنصر من عناصر مجتمع البحث ليصبح ضمن العينة غير معروف و الذي لا يسمح بتقدير درجة تمثيلية العينة المعدة بهذه الطريقة.

إلا أن هذه المعاينة أو الملاحظة قد تحتملان الخطأ حسب المؤلف، فخطأ المعاينة يكمن في  عدم وجود الدقة التي لا مفر منها عندما يجري التقصي على عينة و التي يمكن تقديرها في حالة المعاينة الاحتمالية، أما خطأ الملاحظة فيكمن في تقصير الباحث أثناء تعريف عناصر مجتمع البحث أو انتقائها.

وللمعاينة الاحتمالية ثلاث أنواع، المعاينة العشوائية البسيطة، المعاينة الطبقية، و العنقودية، حيث تتم إجراءات السحب الاحتمالي يا إما يدويا عن طريق القصاصات أو بطريقة منتظمة عن طريق الإعلام الآلي أو الأعداد العشوائية.

أما المعاينة الغير احتمالية فلها ثلاث أنواع هي الأخرى، المعاينة العرضية، النمطية، والحصصية، في حين تتم إجراءات الفرز غير الاحتمالي يا إما عشوائيا، أو بطريقة موجهة، أو بتدخل متطوعين في العملية، أو عن طرق الخبرة، أو بشكل الكرة الثلجية، ولاختيار المعاينة لابد من تحديد نوع المعاينة، صنفها، و تركيبها.

كما تطرق المؤلف إلى تحديد حجم العينة أي عدد العناصر المنتقاة لتكوين عينة فالتحديد غير الاحتمالي للعينة يكفي أن يكون هناك عدد كافي من العناصر لنتمكن فيما بعد من إجراء المقارنات الضرورية، بينما التحديد الاحتمالي للعينة فإن حجمها يتحدد وفقا لقواعد أكثر دقة لأنه يعتمد على تطبيق بعض المعادلات، التي تمكننا من تقديم بعض الحدود التطبيقية العامة و ذلك حسب العدد الإجمالي لمجتمع البحث المستهدف.

بعدها تطرق المؤلف للمعاينة و تقنيات البحث، فالتقنية المفضلة لجمع المعطيات تؤدي فقط إلى عدد معين من إمكانيات المعاينة. 

الفصل العاشر: استعمال التقنيات. (الصفحة 232 إلى الصفحة 365)

في هذا الفصل تطرق المؤلف للتخطيط لعملية جمع المعطيات، أي الاتصال بالواقع الذي نريد معرفته، و حتى تتم هذه العملية في الوقت اللازم لابد من إعداد رزنامة لفترات الجمع.

فقد تعرض المؤلف لاستعمال التقنيات المباشرة  التي تساعدنا في الالتقاء مع الأشخاص الذين يساعدوننا للوصول للمعلومات، فقبل عملية الجمع لابد من القيام بأربع خطوات هامة، هي إعادة الاتصال بالأشخاص أو الوسط موضوع الدراسة، التأكد من الفهم المشترك لطريقة العمل، الالتزام شكليا أو صراحة باحترام الأشخاص موضوع الدراسة، و أخيرا التحضير للقاءات.  

و لكي يكون التدخل جيدا لابد من توفير جو من الثقة التي من دونها لن نكون متأكدين من التعاون الضروري للمخبرين و التأكد من أننا قد اتخذنا كل التدابير المطلوبة لسير اللقاء أو الملاحظة، و إخضاع كل المبحوثين للشروط المتشابهة و المطلوبة من طرف البحث.

حتى لا تنحجب على الملاحظ ما يريد ملاحظته، عليه أن يندمج كلية في الموقع مع ترك مسافة بينه و بين هذا الاندماج، كما عليه الاقتراب من المبحوثين و الاحتفاظ بعلاقات حسنة  و صادقة معهم، و إعلامهم بسرية المعلومات التي يصرحون بها، كما عليه أيضا احترام المواعيد المتفق عليها و المدة المحددة لها، و خضوع كل المبحوثين لشروط استعمال الأداة.

 أما فيما يخص المقابلة لا بد أن لا نهمل الاتصال الأول بالشخص الذي اقتربنا منه لمخاطبته لأنه سيعكس نبرة الباحث مما يحقق له نجاحا كبيرا في كسب ثقة المبحوثين، و التفتح على الآخرين وذهنياتهم و تقبلها، فعلى الباحث التحكم في مخطط المقابلة لأن هذا سيسمح له بأن يكون أكثر انتباه للأقوال التي يصرح و لا يصرح بها المستجوبين، فنهاية المقابلة مهمة هي الأخرى إذ يجب الاهتمام بها من أجل إنهاء الاتصال بصفة جيدة، و السماح لظهور بعض الأقوال التي لم يتم التعبير عنها إلى حد الآن، فعلى المحقق أثناء ملء الاستمارة في حالة الاستمارة بالمقابلة إبداء التطابق مع الغير والتحكم في وثيقة الأسئلة، أما في حالة المقابلة عن طريق الهاتف لابد من التأكد من إبقاء اهتمام المخاطب، بينما استمارة الملء الذاتي فينبغي التأكد من أن التقديم الشفهي متطابق مع التقديم المحضر أثناء إعداد الوثيقة، في حين التقصي عن طريق البريد فالأمر يقتضي تسهيل عودة الاستمارة.

أما بالنسبة للتجريب فيتطلب على الباحث الاهتمام بالمحيط الذي تجري فيه التجربة، فعليه عرض التجربة على العناصر من خلال إثارة اهتمامهم و إزالة الشك و التخوف مما هو مجهول، الاحتفاظ بالشروط المشابهة و ذلك من خلال التحقق من مدى ملاءمة المحيط للتجربة، و إقصاء التأثيرات عن طريق استخدام تقنية العمى البسيط و هي إمكانية مستخدمة تجعل عناصر التجربة لا يعرفون إلى أية مجموعة ينتمون، بالإضافة إلى تقنية العمى المزدوج التي تستخدم هي الأخرى بطريقة تجعل كل عناصر التجربة لا يعرفون من هي المجموعة التجريبية و من هي مجموعة المراقبة.

و جاء في هذا الفصل أيضا عنصر استخدام التقنيات غير المباشرة، حيث يمكننا أيضا أخذ المعلومات بواسطتها، فمن أجل الاستخدام الفعال لتقنية تحليل المحتوى، ينبغي الاحتفاظ ببعض المرونة في استعمال الفئات، أما الاستعمال الفعال للتحليل الاحصائي، فيستدعي القراءة الجيدة لمعنى المعلومات الرقمية و الترتيب المتواجدة فيه، كما سنأخذ زيادة على ذلك المعطيات الجزئية في حدود الممكن، أي الأرقام غير المجمعة أو التي نستطيع الحصول عليها بصفة فردية.

 

            القسم السادس: المرحلة الرابعة من البحث: التحليل و التأويل.  

الفصل الحادي عشر: تحضير المعطيات. (الصفحة 370 إلى الصفحة 419)

تناول المؤلف في هذا الفصل عنصر المعطيات التي يعتبرها معلومات تم الحصول عليها من الواقع المدروسس و لم يجر تحويلها بعد، إذ يتضمن ترتيب المعطيات تفريغ المعطيات الخام و ذلك بترميزها أي تفيئة المعطيات الخام، و ترقيمها بمعنى منح رقم لكل عنصر منتقى من مجتمع البحث، و لكل زاوية نجري من خلالها إجراء الفحص، و لكل وضعية ضمن هذه الزاوية، كما أشار المؤلف أنه لكل رمز مدلول، و هي تستخدم أثناء استعمال الاستمارة بترميز الأجوبة عن الأسئلة المغلقة والمفتوحة.

فقد أوضح المؤلف دور دليل الترميز، الذي تسجل فيه كل المعلومات و القرارات الخاصة بتفيئة المعطيات المتحصل عليها و ترقيمها، ثم بعد ذلك لابد من التحقق من هذه المعطيات، أي تقييمها بهدف التأكد من أنها قابلة للاستعمال بغرض التحليل، أي هل هي حقيقية غير وهمية، هل هي مضبوطة، ليست تمييزية، غائبة، غير مفهومة، غير منسجمة، متعارضة.

بعدها يتم تحويلها أي تسجيلها في سند يسمح بمعالجتها، و مراجعتها أي الكشف عن المعلومات الخاطئة و حذفها، و ذلك فيما يخص المعطيات الكمية و الكيفية.

كما تحدث عن تهيئة المعطيات، و التي يقصد بها الوسائل المستعملة في عرض المعطيات الكمية والكيفية المتحصل عليها، ففي المعطيات الكمية نجد القياسات الوصفية كطريقة أولى لتهيئتها، و هي تشكل مقادير عددية تساعد في تمييز مجموعة من المعطيات ووصفها، بحيث نجد المعطيات بالنسب المئوية، قياسات الاتجاه المركزي، قياسات التشتت و قياسات الموقع.

كما نجد العروض المرئية للمعطيات الكمية التي تنظم معطيات البحث و عرضها في جدول ذو مدخل واحد، أي جدول يعرض تجمع من المعطيات لها علاقة بمتغير واحد فقط، أو  عن طريق الجدول أو الرسم البياني ذو مدخلين، و الذي يعرض معطيات و يشير إلى توزيعها حسب متغيرين بهدف إقامة علاقة بين هذين المتغيرين عموما.

 و على الباحث أيضا إجراء الاختبارات الإحصائية بهدف تحديد إن كانت الملاحظات التي أجريت على عينة هي صحيحة بالنسبة إلى كل مجتمع البحث، و هل توجد علاقة بين متغيرين، و ما يهمنا في العلوم الانسانية من اختبارات نجد اختبارات الفرضية و اختبارات التجميع.

أما المعطيات الكيفية فبعد أخذها لابد من تقليص حجمها و إيجاد شكل لعرضها، كالتجميعات حيث ذكر المؤلف التجميع عن طريق المواضيع، التكثف العمودي أي تقليص المعطيات الكيفية ضمن كل وحدو تحليل، التكثف الأفقي بمعنى القيام بمقارنة بين المعطيات الكيفية في الدراسة طبقا لكل بعد، أو التكثف الافتراضي التي توحد المعطيات الكيفية ضمن زاوية واحدة أو عدة زوايا تظهر فائدتها أثناء البحث.

أما بالنسبة للعروض المرئية للمعطيات الكيفية فنجد الجدول، الشكل، الأوصاف الصورية والعد.

و أخيرا ختم المؤلف بأخلاق تحضير المعطيات، حيث تتمثل هذه الأخلاق في جعل هذه المعطيات متوفرة لدى الباحثين بكيفية تجعل بإمكانهم أن يدركوا بوضوح الإجراءات المستعملة، و إيجاد كل المعطيات مع تنبيههم إلى الاحتياطات التي اتخذت من أجل الحفاظ على سرية عناصر البحث.

 

الفصل الثاني عشر: تقرير البحث. (الصفحة 424 إلى الصفحة 452)

تحدث المؤلف في هذا الفصل حول التحليل الذي يعتبره هدف البحث، إذ نجد التحليل التصنيفي كتحليل يهدف إلى جمع الظواهر أو عناصر الواقع حسب مقاييس متنوعة، والتحليل التفسيري الذي يحاول توضيح الروابط و العلاقات الموجودة بين عناصر المشكلة، كما نجد التحليل الفهمي، الذي يسعى هو الآخر إلى عرض المعاني التي يقدمها الأفراد، والتحليل الوصفي الذي يسهم في تفصيل مشكلة البحث.

بعدها انتقل المؤلف لتأويل نتائج التحليل، الذي يشتمل على إبراز نتائج المشاهدات المتوصل إليها.

فالتقرير لن يكون ذو مصداقية إلا إذا سعينا إلى تجنب بعض أنواع الأخطاء مثل: الخطأ المتعلق بالظروف المادية، و ذلك بتقييمنا لمدى صحة المعطيات و دقتها، ثم الخطأ النسبي، حيث ينبغي أن نأخذ في الاعتبار الإطار أو الوقت الذي مر، ثم خطأ التأويل و هو ألا نحمل المعطيات أكثر مما تطيق، ثم خطأ القرير الموجز و ذلك بأخذ بعين الاعتبار خصائص الأفراد و ظروف البحث.

و بمجرد انتهاء الباحث من تحضير المعطيات من أجل التحليل، يمكن أن يشرع في الكتابة حول الملاحظات التي تمت تهيئتها، فقبل البدء في تحرير تقرير البحث من الضروري إعداد مخطط التقرير الذي يكون حول اختيار أجزاء التقرير و موقعهم و محتواهم، تحديد الجمهور المستهدف وطريقة إيصال المعلومة، الأسلوب، الموضوعية، البساطة، الوضوح، الدقة، التصور العام، الاهتمام بالجانب الشكلي للتقرير، إذ لا بد من تضمنه و احتوائه لفصول و أقسام فرعية، صفحات مرتبة ومرقمة، أن تكون النصوص ذات دعامة.

أما محتوى التقرير فيجب أن تكون المشكلة محددة وفق منهجية واضحة يا إما المنهج التجريبي، أو التاريخي، أو منهج البحث الميداني، بعدها يقوم الباحث بعرض التحليل والتأويل، ثم الخاتمة والمقدمة، ثم الصفحات التمهيدية، فالصفحات الملحقة، و التقييم.

 

ثالثا: القراءة النقدية و الفائدة المتوقعة من قراءة الكتاب.

قدم هذا الكتاب "منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية" بروفيسور مختص في منهجية العلوم الإنسانية.

أ- طرح الأفكار الواردة في الكتاب و مناقشتها و تحليلها و نقدها:

 

يتميز هذا الكتاب بغزارة و أهمية معلوماته، التي تعتبر الركيزة الأساسية للباحث، التي ينطلق منها في إعداد دراساته، و بحوثه العلمية في مجال العلوم الإنسانية خاصة، و العلوم الأخرى عامة.

- إذ ينقسم هذا الكتاب إلى ستة أقسام، و كل قسم يتضمن فصول، و كل فصل عالج موضوع معين، فالقسم الأول تمثل في "المغامرة العلمية"، و الذي ضم فصلين، الفصل الأول جاء تحت عنوان "الروح العلمية"، التي ينبغي أن تتوفر لدى كل باحث قبل الشروع في أي نشاط علمي أو اتخاذ موقف ما، فاليوم أرى الباحث لا يتمتع بهذه الخاصية التي تتطلب استعداد ذهني تام لضمان النجاح، إذ أجده غالبا مرغما على اختيار موضوع بحث لا يميل له و غير مستعد للغوص فيه، وهذا بسبب عدة ظروف تعيق العمل على ما يريده الباحث و بالتالي تغيب الروح العلمية و منه لا يقدم الباحث أفضل ما لديه.

أما الفصل الثاني فقد جاء تحت عنوان "خصائص العلم"، أين ركز المؤلف على العلم وأنواعه، مصادره، لغته، أهدافه، إذ أرى أنه لابد على الباحث إدراك هذا العنصر الذي يتعامل معه حتى يتمكن من فهمه، و ينتج بذلك معارف محددة و دقيقة و ذات دعامة.

بعدها جاء القسم الثاني بعنوان" الطريقة العلمية في العلوم الإنسانية"، الذي تضمن فصلين، و هو الفصل الثالث تحت عنوان "البحث"، الذي يتميز بمجموعة من المقاييس، ينبغي على الباحث أن يكون على دراية تامة بها، لكن هذا عكس ما ألاحظه الآن، إذ نجد الباحث لا يعي جيدا بهذه المقاييس التي تساعده على القيام ببحث علمي مقنن مبني على أسس علمية منهجية مما يؤدي به إلى الوقوع في الأخطاء.

في حين جاء الفصل الرابع "المنهجية"، التي يركز عليها العديد من المختصين فيها لأهميتها في بناء و إعداد البحث العلمي وفق الطريقة العلمية، في حين هذا غير مستوعب جيدا على المستوى العالم العربي نظرا لتكرار الأخطاء، و هذا دليل على عدم الفهم الجيد للمنهجية و كيفية استخدامها. 

كما عنون القسم الثالث ب " المرحلة الأولى من البحث :تحديد المشكلة"، و الذي تضمن هو الآخر فصلين، الفصل الخامس" الطرح"، حيث جاء ليبين كيفية اختيار موضوع ما في العلوم الإنسانية، ففي غالب الأحيان أجد الباحث يتساءل ما الذي يريد دراسته أو ما الذي يريد البحث فيه خاصة الطلبة المقبلين على إعداد الرسائل و المذكرات العلمية، و هذا يعود لنقص في القراءات و خاصة القراءات الناقدة و البحث في الميدان و كل ما له علاقة بالتخصص.

أما الفصل السادس "العملياتية"، فقد تناول المؤلف عنصر مهم و هو عملية تجسيد سؤال البحث لجعله قابلا للملاحظة، الذي أعتبره من أهم المراحل التي يمر بها الباحث و التي تتطلب التفتح الذهني والقراءات الواسعة للتمكن من القيام بالتحليل المفاهيمي.

بعدها جاء القسم الرابع " المرحلة الثانية من البحث، البناء التقني"، ليضم هو الآخر فصلين، الفصل السابع بعنوان " تقنيات البحث"، التي تناول فيها المؤلف أنواع أدوات جمع المعلومات من الميدان، إذ أرى أن كل باحث يفضل استخدام أداة من بين هذه الأدوات نظرا للموضوع الذي تم اختياره، إلا أن كيفية بنائها و استخدامها يبقى نسبي فالأغلبية لا تمتلك منهجية علمية في إعدادها وصياغة محتواها و هذا راجع إلى نقص في معرفة و الإلمام بقواعد إنشائها.

أما بالنسبة للفصل الثامن جاء تحت عنوان " بناء أدوات الجمع"، أي كيفية إعداد هذه التقنيات وفق أسس علمية، كما قلت سابقا أن هذا البناء و الاستخدام يبقى محصور و نسبي، فالقلة فقط من تدرك كيفية التعامل معها، و التي تعتبر مهمة جدا فهي تشكل نقطة التلاقي بين نقطة البناء المفهومي لمشكلة البحث و الواقع المراد دراسته.

بعدها جاء القسم الخامس بعنوان " المرحلة الثالثة من البحث، جمع المعطيات"، و الذي ضم بدوره خمسة فصلين الفصل التاسع " انتقاء عناصر مجتمع البحث" و هو اختيار العينة المراد دراستها، التي تشكل نقطة مهمة هي الأخرى، إذ أرى أنه يجب على الباحث تجنب الخطأ فيها و فهمها جيدا حتى يسهل عليه التعامل معها.

أما الفصل العاشر جاء بعنوان " استعمال التقنيات"، أبرز هذا الفصل كيفية استخدام هذه الأدوات في ميدان أي في الواقع، إذ يجب على الباحث التحضير المسبق للاتصال بالواقع وذلك بالتخطيط الجيد والمحكم و الإلمام بجميع جوانب الموضوع و إدراك كيفية التعامل مع العينة حتى يتجنب الوقوع في الخطأ، و يتفادى بذلك قدر الإمكان العوائق التي ستواجهه لأنه لا يوجد بحث علمي يخلو من الصعوبات و المشاكل والعوائق.

 و أخيرا ختم المؤلف الكتاب بالقسم السادس "المرحلة الرابعة من البحث، التحليل والتأويل"، و الذي حمل في طياته فصلين، الفصل الحادي عشر تناول " تحضير المعطيات"، و هي كيفية التعامل مع هذه المعطيات الخام، فالأغلبية من الباحثين اليوم لا يستوعبون كيفية التعامل مع هذه المعطيات الخام المتحصل عليها من الميدان، التي تتطلب مراحل حتى نتحصل على معلومات قابلة للاستعمال، ونظرا لنقص الإدراك بفن و مراحل معالجة هذه المعطيات يتجه الباحث إلى  تقنيات أخرى صممها مختصين مثل تقنية SPSS التي تعالج المعلومات آليا و بسرعة.

و أخيرا ختم المؤلف بالفصل الثاني عشر " تقرير البحث"، و هو ما يتوصل إليه الباحث بعد المرور بكل هذه المراحل المذكورة سابقا، فالتقرير لابد أن يصاغ بطريقة موضوعية وبكل شفافية، حتى يكون التقرير مبني على أسس علمية، كما أن هذا التقرير قابل للنقد فعلى الباحث تقبله و أخذها بعين الاعتبار في البحوث الدراسات و البحوث المقبلة.

النقد الكلي للكتاب:

فمن خلال ما تضمنه هذا الكتاب من أفكار و معلومات أجد أن القلة من الباحثين من يلتزم بالقواعد المنهجية في إعداد البحوث العلمية في مجال العلوم الإنسانية، فمنهم من لا يعي بها، و منهم من لا يحترمها مما يؤدي في كلتا الحالتين إلى الوقوع في الأخطاء التي تقلل من قيمة البحث أو الدراسة، مما يستدعي الاهتمام بهذا المجال و محاولة التعرف على أهم الأسس و القواعد الضرورية، التي تشكل الدعامة و البنى التحتية للمنهجية و التي تساعد على بناء الطريقة العلمية الصحيحة للبحث.

ب- أهمية و فائدة الكتاب  و السبب في اختياره:

تكمن أهمية هذا الكتاب في إتاحته للقراء أو المستخدمين أو الباحثين في مجال العلوم الإنسانية خاصة فرصة الاستفادة و التعرف على قواعد المنهجية، والإلمام بكل ما من شأنه أن يخدمهم في بحوثهم ودراساتهم من خلال التركيز على الإجراءات العملية التي تستوقفهم. 

و لكي يصبح الاستيعاب أكثر عمقا تم استبدال الأمثلة من الواقع الكندي إلى أمثلة من الواقع الجزائري حتى يفهم كل باحث الواقع و البيئة و المحيط الذي يعيش فيه و يدرك خصائصها، و يشعر بالانتماء إليها و بالتالي محاولة دراسة واقعه، و إيجاد حلول ملائمة لمشاكل تتطابق و تتناسب معه.

فالبروفيسور أنجرس موريس، هو من أبرز الذين تطرقوا إلى منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية، و لهذا قمت باختيار هذا الكتاب كونه يتميز بشمولية التغطية لهذا الموضوع.

 

 

 

 

 

 

عن الكاتب

Karima Abba

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جديد المعرفة الإنسانية